كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 32)
"""""" صفحة رقم 251 """"""
التجار أن يقرضوك ما تحمله فأمرهم بذلك . فاقترض عشرين ألف دينار عينا وحملها
ثم قال له إنه لا بد لها من عمل فرح يجتمع فيه الخواتين ، فاقترض مالا آخر قيل إنه
سبعة آلاف دينار ، وعمل الفرح وجهزت الخاتون ، وصحبها جماعة من الرسل ، وعدة
في الخوايتن وقاضي مدينة صراي ، وتوجهوا من جهة الملك أزبك وركبوا البحر في
ثاني شهر رمضان سنة تسع عشرة وسبعمائة ، وحصل لهم مشقة عظيمة إلى أن وصلوا
إلى ثغر الإسكندرية في شهر ربيع الأول سنة عشرين وسبعمائة .
ولما طلعت الخاتون من المركب جعلت في خركاة مذهبة على عجلة وجرها
المماليك إلى دار السلطنة بالثغر ، وأجريت لهم الإقامات المتوفرة ، وجهز السلطان إلى
خدمتها جماعة من الحجاب وثمان عشرة حراقة فركبت الخاتون في الحراقة الكبرى
السلطانية وركب بقية من معها في بقية الحراريق ، ووصلت الخاتون إلى الساحل
المقابل للقاهرة من بحر النيل في يوم الاثنين الخامس والعشرين من شهر ربيع الأول
سنة عشرين وسبعمائة وفرشت مناظر الميدان السلطاني لنزولها ، ولما وصل ركب
الأمير سيف الدين أرغون نائب السلطنة الشريفة وجماعة من الأمراء والمماليك
السلطانية الأكابر ، وتوجهوا إلى خدمتها وحملت من الحراقة في محفة على أكتاف
مماليك نائب السلطنة إلى أن استقرت بقاعة الميدان السلطاني ، وضرب لها أيضا
بالميدان دهليز أطلس معدني كان قد عمل للسلطان ، ومد لها ولمن معها أسمطة
تصلح لمثلها ، وأجريت عليهم الإقامات .
فلما كان في يوم الخميس الثامن والعشرين من الشهر أحضر السلطان الرسل
وهم رسل الملك أزبك ورسل ملك الكرج ورسل الأشكري فمثلوا بين يديه ، أو أدوا
ما معهم من الرسائل وأحضروا الكتب والتقادم ، ثم أمر السلطان نائبه الأمير سيف
الدين أرغون والأمير سيف الدين بكتمر الساقي وهو من أخص مماليكه أن يتوجها إلى
الميدان وينظرا الخوند الخاتون الواصلة ، فتوجها إليها ورأياها - فيما بلغني - ونقلت
في بقية النهار إلى قلعة الجبل وحملت على عربة يجرها بغل يقوده أحد مماليكها حتى
استقرت بقاعة أعدت لها بقلعة الجبل كان السلطان قد أنشأها لم يبن بالمملكة
الإسلامية مثلها ثم عقد العقد المبارك في يوم الاثنين السادس من شهر ربيع الآخر