كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 32)

"""""" صفحة رقم 253 """"""
الدين قجليس إلى الشام بنصف عدته وأمر أن يتوجه معه جيش من دمشق لإخراج
العربان ، فجرد الأمير سيف الدين كجكن في جماعة من العسكر ، ووصل الأمير سيف
الدين قجليس إلى دمشق في حادي عشر جمادى الأولى ، فتوجه منها الجمعة ثاني
عشر الشهر وصحبته جماعة من العسكر الشامي والأمير شمس الدين محمد بن أبي
بكر ، واجتمعوا هم والجيوش المجردة إلى بلاد سيس وساقوا خلف العرب حتى
أخرجوهم من بلاد الشام ، وكانت مدة غيبة الأمير سيف الدين عن دمشق أربعة أشهر ،
وعاد في خامس شهر رمضان إلى دمشق ، وكان تأخره هذه المدة بسبب ضبط ما
يتحصل من أقطاع العربان النازحين .
وأما الجيش المجرد من دمشق إلى سيس فإنه عاد في يوم السبت حادي عشر
جمادى الآخرة ثم ورد الخبر إلى دمشق من الرحبة في يوم الأحد ثاني شعبان إلى
أن جماعة من عرب مهنا وصلوا إلى بلاد الرحبة لرعي زرعها ، فجهز جماعة من
الأمراء وقدم عليهم الأمير سيف الدين بهادر آص ، وتوجهوا في يوم الاثنين ثالث
شعبان .
وفي جمادى الآخرة من السنة عاد إلى الأبواب السلطانية بعض العربان الذين
توجهوا مع مهنا فأمر السلطان بالإفراج عن إقطاعاتهم وإجرائهم على عاداتهم .
ذكر إبطال مكس الملح بالديار المصرية
وفي العشر الآخر من شهر بيع الآخر رسم السلطان بإبطال مكس الملح وكتب
بذلك مثال شريف سلطاني ، وقرئ على المنابر في يوم الجمعة الخامس من جمادى
الأولى من سنة عشرين وسبعمائة ، وكان المقرر على ذلك جملة كبيرة في كل سنة
فبطلت هذه المعاملة ، واجتثت من أصلها وسطر الله هذه الحسنة في صحائف
حسناته . وفي هذه السنة في يوم الاثنين الرابع عشر من جمادى الآخرة وصل إلى
الأبواب السلطانية رسل صاحب اليمن الملك المؤيد هزبر الدين داود بالتقادم والهدايا
والتحف ، وكان مما أحضروه حمار وحشي أبلق مخططا قدر البغل لم يصل إلى الديار
المصرية مثله فيما سلف فقبلت هديتهم وشملهم بالإنعام السلطاني ثم أعيدوا إلى
مرسلهم بما جرت العادة به .
وفي هذه السنة تجهز ركب إلى الحجاز الشريف فيه جماعة من الأعيان وطلبة
الحديث وغيرهم والمقدم على الركب بأمر السلطان الأمير جمال الدين عمر بن كراي
أحد أمراء العشرات وكان رحيل هذا الركب في السابع عشر من رجب ، ووصل إلى

الصفحة 253