كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 32)

"""""" صفحة رقم 254 """"""
مكة شرفها الله تعالى في يوم الأحد مستهل شهر رمضان ، ولم يجدوا في سفرهم إلا
خيرا ورفقا وتيسيرا والله أعلم .
ذكر منع الشيخ تقي الدين بن تيمية من الفتيا
واعتقاله بقلعة دمشق
قد قدمنا أن المراسم الشريفة السلطانية كانت قد تقدمت بمنع الشيخ تقي
الدين أحمد بن تيمية من الفتيا في مسألة الطلاق وتكررت مرة بعد أخرى ، ثم اتصل
بالأبواب السلطانية أنه لم يمتنع عن ذلك فلما كان في بكرة نهار الخميس الثاني
والعشرين من شهر رجب سنة عشرين وسبعمائة عقد المجلس بدار السعادة بدمشق
بحضور نائب السلطنة ، وقضاة القضاة الأربعة وجماعة من الأعيان ، وحضر الشيخ
تقي الدين وسئل عن فتياه في مسألة الطلاق ، وأن المراسيم الشريفة السلطانية
تكررت بمنعه من ذلك وهو يفتي بها ، فأنكر أن يكون أفتى بها بعد المنع فحضر
خمسة نفر ذكروا أنه أفتاهم بها بعد ذلك فأنكر وصمم على الإنكار فشهد عليه تقي
الدين بن طليس أنه أفتى بها لحاما اسمه قمر ، وأن ذلك كان في بستان شرف الدين
ابن منجا فقام شرف الدين وعلاء الدين أبناء زين الدين بن منجا ليشهدا بخلاف ما
شهد به ابن طليس ، فقال قاضي القضاة نجم الدين بن صصرى لهم : أنتما فاسقان
لا تقبل شهادتكما ثم أمر بإخراجهما من المجلس فأخرجا ، وقيل للشيخ اكتب
خطك أنك لا تفتي بها ولا بغيرها فكتب أنه لا يفتي بها ، ولم يكتب بغيرها فأمر
قاضي القضاة نجم الدين باعتقاله وحكم بذلك ، فقال له : حكمك باطل فإنك
عدوي فلم يرجع إلى قوله وحبس بقلعة دمشق واستمر في الاعتقال إلى يوم
عاشوراء سنة إحدى وعشرين وسبعمائة فأفرج عنه حسب الأمر السلطاني ، واستمر
بداره بدمشق .
ذكر القبض على الأمير علم الدين الجاولي نائب السلطنة بغزة
وفي شعبان سنة عشرين وسبعمائة أمر السلطان بالقبض على الأمير علم الدين
سنجر الجاولي نائب السلطنة ومقدم العسكر بغزة ، وكان قد تقدم في الدولة وعظم
شأنه وكثرت أتباعه ومماليكه وميز إقطاعه حتى كان فيما قيل - يقارب إقطاع نائب
السلطنة بدمشق ، ولم يكاتب من ديوان الإنشاء بما كان يكاتب به من قبله من النواب ،

الصفحة 254