كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 32)

"""""" صفحة رقم 255 """"""
بل ألحق بنواب الممالك الشريفة في رسم المكاتبة السلطانية وغيرهم وكان قد استأذن
على الحج وتجهز لذلك تجهزا عظيما فاتصل بالسلطان عنه من أحد أستاذ دارية
المذكور أمورا أنكرها عليه ونسب إليّ ما لعله برئ منه فأمر السلطان بالقبض عليه
وتوجه الأمير سيف الدين الماس الحاجب لذلك وأظهر أنه إنما توجه لزيارة البيت
المقدس والخليل صلوات الله عليه وسلامه ، ولما عاد من الزيادة قبض عليه وأوقع
الحوطة على موجوده ، وذلك في يوم الجمعة الثامن والعشرين من شعبان وجهز إلى
الديار المصرية ، فلما وصل أمر السلطان بإرساله إلى ثغر الإسكندرية واعتقاله ، فأرسل
من وقته واعتقل بالثغر وكان أحسن الله عاقبته كثير الصدقة على الفقراء المقيمين بغزة
والواردين إليها وغيرهم ممن هو بالقدس الشريف وحرم الخليل صلوات الله تعالى
عليه وأثر بتلك الجهات أثارا حسنة ، فانقطع كثير من الفقراء بسبب اعتقاله ، عامله الله
تعالى بلطفه وبمنه وكرمه .
ذكر إبطال المعاملة بالفلوس عددا بالديار المصرية
وبيعها بالرطل
وفي هذه السنة في مستهل ذي الحجة رسم بإبطال المعاملة بالفلوس عددا
وكانت المعاملة بها حسابا عن كل درهم ثمانية وأربعين فلسا ، وكان سبب ذلك أنها
كثرت في أيدي الناس وهم يتعاملون بها عددا على العادة فضربها الزغلية وخففوها
إلى أن صار كل ستة فلوس منها زنة درهم ، وكان السلطان قبل ذلك قد رسم بإبطال
المعاملة في الشام بالفلوس على ما كانوا يتعاملون بها بينهم بالقراطيس والقرطيس ستة
فلوس عدد أخفافا ، وكان الناس يتعاملون بها بالشام حسابا عن كل درهم أربعة
وعشرون قرطاسا ، فأبطلها السلطان وأمر بضرب فلوس جدد ناصرية ، زنة كل فلس
بها درهم وتعامل الناس بها بالشام على عادة الديار المصرية كل ثمانية وأربعين فلسا
بدرهم فنقل الناس تلك الفلوس الخفاف من الشام إلى الديار المصرية وخلطوها مع
فلوس المعاملة ، فخرجت فيها وتمادت عليها الأيام إلى أن كثرت وقلت الأولى ،
فتوقف الناس في المعاملة بها وتزايد الأمر إلى أن غلقت الدكاكين وارتفعت الأسعار
وتضاعفت ، وكان السلطان قد توجه إلى الصيد بجهة الصعيد ، ووصل إلى الأعمال
القوصية ، فلما عاد أنهى إليه حال الناس ووقوف معائشهم فأمر بإبطالها عددا وأن
تدور بين الناس بالميزان حسابا عن كل رطل بالمصري ثلاثة دراهم ، وأمر بضرب

الصفحة 255