كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 32)

"""""" صفحة رقم 256 """"""
فلوس جدد بدار الضرب عليها اسم السلطان وتاريخ ضربها زنة كل فلس منها نصف
وربع وثمن ، وأن يتعامل الناس بهذه الجدد عددا على العادة فمشت معائش الناس في
شهر ذي الحجة لكن غرم الناس جملة كثيرة فيما بين العدد والميزان ، فكان الرطل
منها إذا عد يكون سبعة دراهم عددا أو أكثر من ذلك وأقل ثم كان من أمر وقوفها ما
نذكره في سنة إحدى وعشرين وسبعمائة وما بعدها .
ذكر خبر الحاج في هذه السنة
في هذه السنة وقف الناس بعرفة في يوم الجمعة بغير خلاف بينهم وحج من
الديار المصرية خلق كثير فكانت الركوب التي خرجت من الديار المصرية سبعة وهم
ركب توجه في شهر رجب كما تقدم وأربعة ركوب في شوال على العادة صحبة
المحمل ، رحل الركب الأول منهم في يوم الاثنين سادس عشر شوال من بركة
الجب ، وآخرهم في يوم الجمعة وتوجه نائب السلطنة الأمير سيف الدين أرغون
بجماعة في ذي القعدة وسبق الناس إلى مكة شرفها الله تعالى وتوجه القاضي فخر
الدين ناظر الجيوش في جماعة معه من مصر إلى البيت المقدس ومنه إلى مكة شرفها
الله تعالى وتوجه من جهة البحر من ثغر عيذاب خلق كثير واجتمع بالموقف بعرفة ما
يزيد على ثلاثين ركبا ، ووصل ركب العراق إلى مكة وفيه خلق كثير وجماعة من أمراء
التتار ومحمل من جهة الملك أبي سعيد بن خربندا ، عليه غشاء أطلس ، مرصع بأنواع
الجواهر واليواقيت واللآلئ والزمرد ، وكان إذا وضع عن ظهر البختي ضرب عليه
جسر عظيم واحتفال كثير ، وكان مع أمراء الركب العراقي صناجق سلطانية ناصرية
وصناجق عليها رقوك الأمراء فجعل المحمل العراقي وصناجقهم ، خلف محمل
السلطان وصناجقه ، ومحمل صاحب اليمن خلف محمل العراق ، وكانت عادة الركب
العراقي إذا قصد الحج ومر أهله على منازل العربان يأخذون منهم خفرا جملة من
الأموال فلما وصل هذا الركب والمحمل في هذه السنة ومروا على تلك الأعراب
دفعوا إليهم ألف دينار وخمسمائة دينار فامتنع العربان من تمكينهم من العبور إلا بثلاثة
آلاف دينار فقالوا : نحن إنما جئنا بأمر السلطان الملك الناصر صاحب الديار المصرية
والحجاز وكتابه إلينا فأعادوا عليهم الذهب وقالوا إذا كنتم جئتم بأمر السلطان فلا نأخذ

الصفحة 256