كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 32)

"""""" صفحة رقم 36 """"""
سجلا بسجل فإن الدهر ذو نوب
من ذا يغالب ما يأتي به القدر
بزوهم الملك قهرا عن جواركم
وخربوا كل ما شادوا وما عمروا
فما يفكر في أدبار عاقبة
ويحزم الأمر إلا من له نظر
ولا يعاف شراب الذل عن ظمأ
ويومق العز إلا من له خطر
فمهدوا بالظبا مجرى سوابقكم
ما يرفع الذكر إلا الصارم الذكر
وخلدوا في المعالي ما نعنعنه
عنكم وتروى به الأخبار والسير
فكل ذنب جناه الدهر معتمدا
في جنب ما أبقت الأيام مغتفر
يا أهل جلق أمنا في مساكنكم
وعاملوا الله رب العرش وانزجروا
صوموا وصلوا وزكوا وارحموا وصلوا
وابغوا النجاة وحجوا البيت واعتمروا
ذروا التكاثر فالدنيا لمن زويت
في جنب ما وعد الرحمن تحتقر
فالوقت أقرب والأنفاس سائرة
والعمر منصرم والمرء محتضر
ولا تخافوا من التاتار مجلبة
من بعد ما ارتفع التدليس والغرر
لم يطلبوا جلقا بغيا بظلمهم
إلا وردوا على الأعقاب وانكسروا
حاشا دمشق من الأسواء تطرقها
أو أن تغيرها عن وصفها الغير
ملائك الله تحميها وتحرسها
تعاقبا ولها من ربها خفر
وفي جوار خليل الله ما برحت
وحضرة القدس قل لي : كيف تحتقر
بالله عدوي على من رامها بأذى
وبالخليفة والسلطان أنتصر
هما ملاذكم في كل نائبة
بالروح أفديهما والسمع والبصر
إذا تأملت فحوى سر حكمهما
لم تدر أيهما في عدله عمر
ولو رأيتهما يوما لخالك أن
موسى بن عمران قد وافاك والخضر
هما رضيعا لبان عفة وتقى
وحسن ذكر شذاه فائح عطر

الصفحة 36