كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 32)

"""""" صفحة رقم 37 """"""
فذا مليك لكم طابت أرومته
وذا أمير بأمر الله يأتمر
أبو الربيع سليمان الذي شهدت
بفضله المستفاض البدو والحضر
وزمزم والصفا والمأزمان معا
والبيت يعرفه والحِجر والحَجر
خليفة الله في الدنيا وطاعته
فرض عليكم وهذا القول مختصر
ما زال مستكفيا بالله معتصما
مستنصرا مستعينا وهو منتصر
لولاه في الأرض قد مادت جوانبها
وما سقاها إذا غيث ولا مطر
خليفة من بني العباس باقية
به إلى الله نستسقي فنمتطر
ضاهت يداه عهاد الغيث فانهملت
والغيث مندفق الشؤبوب منهمر
لو مس عودا يبيسا بطن راحته
أعاده وهو رطب يانع خضر
ماذا أقول بمدحيه وقد تليت
في مدح آبائه الآيات والسور
جاءت بنعتهم التوراة معربة
ومحكم الذكر والإنجيل والزبر
به إلى الله ضجوا في حوائجكم
وبعده بالمليك الناصر انتصروا
ملك أعيد به عصر الشباب لكم
مسترغدا صافيا واستؤنف العمر
ترى الملوك صفوفا حوله زمرا
من فرط هيبته لا يرجع البصر
تذل أعناقهم صغرى لطاعته
وليس يعصونه أمرا إذا أمروا
صونوا جيادكم اللاتي بكم لجبت
في بارق الحرب والرمضاء تستعر
إنا لنرجوه من بغداد ينهلها
بماء دجلة يرويها فتصطدر
ويجمع الشمل في دار السلام بمن
يودها ويؤدون الذي نذروا
يؤمها وإمام المسلمين معا
ثقوا بقولي فهذا منه منتظر
فالشام وافاه مع بغداد في قرن
ومصر في ملكه والبر والبحر
والعرب والعجم في ميمون قبضته
ومن سطي بأسه قد حارت التتر
تنشروا في الفلا سود الوجوه وقد
طوى بأبيضه البتار ما نشروا
فدام للدين والدنيا يسوسهما
فكن فيه له حزر ومستتر
وعمره الجم أعياد مجددة
وأشهر بعزيز النصر تشتهر

الصفحة 37