كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 32)

"""""" صفحة رقم 8 """"""
وتمكنه منه ، فعزل من وظيفة أمير آخورية ، ووليها الأمير علم الدين سنجر الصالحي ،
ووصل الأمير سيف الدين بكتمر إلى دمشق بغير إقطاع ، فلما مات التقوى أنعم عليه
بإقطاعه ، ثم كان من أمره وتنقله ما نذكره .
وفيها كانت وفاة الشيخ الإمام الشهيد شرف الدين أبي الحسين علي ابن الشيخ
الحسن الإمام العلامة الحافظ تقي الدين أبي عبد الله محمد بن اليونيني الحنبلي
ببعلبك في يوم الخميس حادي عشر شهر رمضان في الساعة الثامنة من النار شهيدا .
وسبب ذلك أنه دخل في يوم الجمعة خامس الشهر إلى خزانة الكتب التي بمسجد
الحنابلة ببعلبك ليعزل كتبه من كتب الوقف وعنده خادمه الشجاع ، فدخل عليه فقير
اسمه موسى غير معروف بالبلد - قيل إنه مصري - فضربه بعصا على رأسه عدة
ضربات ، ثم أخرج سكينا صغيرة فجرحه في رأسه ، فاتقى بيده ، فجرحه في يده ، ثم
مسك ذلك الرجل وحمل إلى متولي بعلبك فضرب ، فصار يظهر منه الاختلال في
الكلام ، فحبس .
وأما الشيخ فحمل إلى داره ، وتحدث معه أصحابه على عادته ، وأتم صوم يومه
ثم حم واشتد به المرض فمات في التاريخ المذكور ، وجاوز الثمانين سنة رحمه الله
تعالى روي عن جماعة منهم ابن الزبيدي ، وإليها عبد الرحمن وابن الللتي ،
والإربلي ، وجعفر الهمذاني ، وابن رواحة ، وابن الجميزي وغيرهم واجتهد في خدمة
الحديث النبوي وأسمعه كثيرا ، واعتنى بصحيح البخاري من سائر طرقه ، وحرر نسخته
تحريرا شافيا ، وجعل لكل طريق إشارة ، وكتب عليه حواشي صحيحة ، وقد نقلت
صحيح البخاري من أصله مرارا سبعة ، وحررته كما حرره وقابلت بأصله وهو أصل
سماعي على الحجار ووزيرة .
وفي هذه السنة توفي الأمير علم الدين سنجر أرجواش المنصوري نائب
السلطنة بقلعة دمشق ، وكانت وفاته في ليلة السبت ثاني عشرين ذي الحجة ودفن
بسفح قاسيون وكانت له آثار جميلة في حفظ قلعة دمشق لما ملك التتار دمشق ،
وبسبب حفظها حفظت سائر القلاح بالممالك الشامية ، وخلف من الورثة أربع بنات
وابن معتقه السلطان الملك الناصر ، وترك دنيا عريضة ، ولما مرض أحضر قاضي

الصفحة 8