كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 106 """"""
من خادم ومملوك ، وغلام ، وحملوا في المكاتل والحبال ، فلما وثق بمن اجتمع له
من حاشيته وغلمانه أمر بفتح أبواب الحصن ، فكان أول من صعد إلى الحصن ،
الصاحب حسام الدين حسان بن محمد العمراني ، وزير أخيه الملك الأشرف ، فاجتمع
بالمؤيد ، وحلف له الأيمان المؤكدة ، واستحلف له الأمراء والجند وأعيان الدولة ،
وأمر بتجهيز الملك الأشرف وأخرج من الحصن في تابوته ، وأمامه ولدا المؤيد المظفر
والظافر ، وأعيان الدولة ، ودفن بمدرسته التي أنشأها بمغرية تعز ، وأنشأ تاج الدين بن
الموصلي ، في ذلك اليوم الكتب عن المؤيد إلى بلاد التهايم ، وبلاد الجبال بأجمعها ،
وإلى جهة صنعاء والأشراف يعلمهم أمر سلطنة المؤيد ، فدخل الناس في الطاعة ،
وأتته كتب الأشراف ورسلها بالتهنئة بالملك ، وعقد الصلح ، وكانوا عقيب موت
الأشرف استولوا على عدة حصون وعلى صعدة فوقع الصلح ، وأعيدت الحصون .
وكان حصن الدملوة بيد الطواشي " فاخر الأشرفي " قد ولاه إياه الملك الأشرف ،
ونقل إليه ذخائره التي كانت بالتعكر ، وأربعا من بناته ، فراسله الملك المؤيد مرارا ،
فامتنع فاخر من تسليم الحصن ، فجهز إليه المؤيد الأمير شمس الدين الطنبا " أمير
جاندار " بالعسكر ، فحاصروه ، فلم يتمكنوا منه ، وامتنع الخادم من تسليمه إلا أن تصل
إليه كتب أولاد مولاه الناصر والعادل ، فكتب المؤيد إليهما في ذلك ، فكتبا إلى الخادم
وأمراه بالتسليم ، فامتنع من قبول الكتب ، وقال : لا أقبلها حتى يأتيني ثقتيهما ، فثقة
الناصر خادمه مسك ، وثقة العادل أنيس ، فأرسل الملكان خادميهما إليه بالرسالة ،
فاشترط فاخر أن ينزل بجميع المال الذي طلع به من التعكر ، فأجابه المؤيد إلى ذلك ،
فنزل ببنات مولاه الأربع ، وبما كان عنده ، واقتسمه الورثة الأشرفية ، ولم يكن فيه نقد
غير الأقمشة النفيسة ، وتسلم نواب الملك المؤيد حصن الدملوة في السنة المذكورة ،
وزوج المؤيد ولديه الظافر والمظفر باثنتين من بنات عمهما الأشرف ، واستمر الوزير
حسام الدين بالوزارة ، وفي خاطر المؤيد منه ومن أخوته ما فيه .
ثم استوزر الصاحب موفق الدين علي بن محمد في جمادى الأولى سنة ست
وتسعين وستمائة ، وتمكن منه تمكنا عظيما ، وكان بين الملك المؤيد وبين الفقيه
رضي الدين محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمر اليحيوي صحبة متأكدة ، ومودة
قديمة ، وكان من الصلحاء العلماء الفضلاء ، فكره وزارة أخيه ، فلم يجتمع به منذ
وزر .
ثم قبض الملك المؤيد على جماعة من الأمراء ، وهم : نجم الدين وبدر الدين
ولدا أزدمر ، وابن الهكاري ، وقبض بعدهما على الطنبا أمير جاندر ، ونقلهم إلى حصن
الدملوة ، واعتقلهم بمكان يعرف بدار الأدب .

الصفحة 106