كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)
"""""" صفحة رقم 109 """"""
حصن غراس ، وأخذه بالسيف ، ثم انتقل إلى حصن إرياب فاستولى عليه بعد حرب ،
وطلع إلى جهة صنعاء مقطعا لها .
وفي جمادى الآخرة وقع مطر شديد عظيم لم ير مثله عم القطر اليماني بكماله ،
وحصل رعد شديد ، وريح باردة ، وكان معظم ذلك بتهامة ، وأخرجت الريح سفنا - من
الأهواب وساحل الشرجة - بما فيها إلى البر ، وكسرت بعضها ببعض ، وهدمت
حصونا شامخة ، واقتلعت أشجارا كبارا بأصولها .
وفي يوم الاثنين ثاني عشر من شهر رمضان من السنة توفي الشريف المطهر بن
يحيى بن حمزة بحصنه بذروان .
وفي شعبان تجهز العسكر المؤيدي إلى جهة حجة ، وتقدمه الأمير بدر الدين
محمد بن عمر بن ميكائيل أستاذ الدار ، والفقيه شرف الدين أحمد بن علي بن الجنيد
ونزلا على " ابن الصليحي " بمبين ، وعلى عمر بن يوسف بظفر ، وأخذا منهما
الحصنين ، ونزلا على الذمة .
وفي السنة المذكورة توجه الملك المؤيد إلى البلاد العليا ، وذلك عند امتناع
الأشراف من الصلح ، ودخل صنعاء لخمس مضين من ذي القعدة ، وطلع إلى الظاهر
عن طريق حدة في رابع عشر ذي الحجة ، واستقر فيه بعسكره ، ثم سار نحو الميقاع
بعساكره ، فقاتل عليه وعاد إلى منزلته ، وأقام بالعسكر ثمانية عشر يوما ، وفي انتهائها
دخلت عساكره صعدة مع جمال الدين علي بن بهرام ، والأمير أسد الدين محمد بن
أحمد بن عز الدين .
وفي يوم الخميس أول المحرم سنة ثمان وتسعين وستمائة نهض الملك المؤيد
من محطته " وهي منزلة العسكر " ، طالبا للظاهر لقطع الأعناب فوقف بها ثمانية أيام ،
ثم نهض منها إلى جهران ، فأقام بها ثمانية أيام ، وحط بالظاهر الأسفل ، وسار نحو
جبل ظفار ، فتأهب الأشراف للحرب ، وأخرب ما حوله من الأعناب ونهض في يوم
الاثنين ثالث صفر من محطته بالسبيع ، فبات عند الكولة ، ثم سار منها وحط على
الميقاع ، وهو إذ ذاك بيد الأمير جمال الدين علي بن عبد الله ، ونصب المجانيق على
الحصن ، وبه الأمير عماد الدين إدريس بن علي ، وتوالى الزحف على الحصن ، ثم
حصل الاتفاق ، وحضر الأمير عماد الدين علي إلى خدمة الملك المؤيد ، فلما قرب
من مخيمه ركب إليه وتلقاه وانعقد الصلح بينهم ، وأخذ لأصحابه الأشراف ذمة سبعة
أشهر ، ودخلت الأعلام المؤيدية الميقاع ، لإظهار الطاعة ، وأنعم عليه المؤيد
بالطبلخاناة والأموال والكساء والخلع ، وأعاد عليه بلاده التي كانت بيده .