كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)
"""""" صفحة رقم 112 """"""
وأما الأمير تاج الدين فإنه تقدم إلى الجهات الغربية ، وأوقد نار الحرب في بلاد
الموقر والعارضة وما يليها من بلاد السلطان ، ومال إليه بنو شاور ، وجماعة من قبائل
العرب ودخل المؤيد صنعاء ، وأقام بها أياما ، ثم سار إلى اليمن ، ولقيه الأمير
نور الدين موسى بن أحمد ، والأمير عبد الله بن وهاس ، وطلع الملك المؤيد القنة من
طريق جبل صبيح ، وتسنم سعده القنة ، ونزل فيها بجميع عساكره ، وذلك يوم العيد ،
وأشرف على أخذ ظفار من الجهة التي تلي القاهرة من غربيها ، ولم يبق إلا أخذها ،
وعاد المؤيد إلى القنة ، وأقام بها ثمانية أيام ، وشرع في عمارتها ، وسماها المنصورة ،
وحصل للعسكر ضرر شديد ، لعدم الماء والطعام والعلف ، حتى بيعت القربة بعشرة
دراهم ، والزبدي الدقيق بعشرة دراهم ، فعند ذلك أمر السلطان بضرب مخيمه بورور ،
ورتب في القنة الأمير نجم الدين موسى بن أحمد ، ورتب في تعز وهو الحصن المقدم
الذي أخربه الأمير سليمان بن قاسم - الحسام بن مسعود بن طاهر ، وأمر بعمارة
الموضعين ، ونصب في تعز منجنيقين ترمي إلى ظفار وإلى المدينة فأضرهم المنجنيق
غاية الضرر ، وعيد الملك المؤيد عيد الأضحى في محطة ورور .
ثم طلع المؤيد إلى تعز ليشاهد العمارة ، ورمي المنجنيق ، فعلم الأمير علم الدين
سليمان بن قاسم صاحب ظفار أنه إن دام هذا الأمر أدى إلى خراب بلاده فأعمل
الحيلة ، وأخرج بني أخيه وجماعة من الأشراف إلى خارج درب ظفار ومعهم وزيره
علي بن دحروج ، وصاح بأعلى صوته أن الأمير والأشراف قصدهم أن يخدموا
السلطان ، وسؤالهم أن يشرف عليهم ، فأشرف عليهم فخدموا بأجمعهم ، وقالوا : نحن
غلمان السلطان ، وهذه المواضع مواضعه ، وأشار ابن دحروج أن معه خطابا يفضي
إلى المصلحة ، ويسأل أن يرهن به الفقيه شرف الدين ، فأجيب إلى ذلك ، ونزل الشيخ
ابن دحروج ، واجتمع بالملك المؤيد بحضور القاضي الوزير موفق الدين ، واستقر
الأمر أن الأمير سليمان بن قاسم يبيع المؤيد حصن تلمص بخمسين ألف دينار ،
ويرهن بذلك ولدي أخيه محمدا وداود ، ووزيره علي بن محمد بن دحروج ، وأن
يخرب الملك المؤيد تعز المعمورة على ظفار والقنة ، فأشار من حول الملك المؤيد
عليه بذلك وقالوا : السلطان يملك صعدة بغير شريك ، والرهائن توثقة لمن صدق ،
فركن إلى ذلك ، وقبض الرهائن ، ونزل الفقيه شرف الدين أحمد بن علي من ظفار ،
وأطلع لهم المال المشروط ، وأرسل الملك المؤيد الفقيه شرف الدين أحمد بن علي
( الجنيد ) بعسكر لقبض تلمص ، وأرسل الشريف سليمان بن قاسم ثقة منه ، وتقدموا
إلى جهة صعدة .