كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 113 """"""
وتوجه المؤيد من محطة ورور ، والرهائن صحبته ، وقصد صنعاء في يوم
الجمعة نصف ذي الحجة ، فانتهى إلى جربان في يوم الأحد سابع عشر الشهر ،
فزحف العسكر في اليوم الثاني ، وقاتلوا قتالا عظيما وبلغ الشفاليت باب الحصن ،
ونزل للشفاليت الكسوة ، فأخرب أهل الحصن الحمولة وعاد الشفاليت فوجدوها
خرابا ، وكان قد تجمع إليه خلق كثير من همدان وغيرهم ، ونصب الملك المؤيد
المنجنيق ، وأقام ثمانية أيام على جربان ، ثم توجه إلى صنعاء ، وتولى الحصار الأمير
شمس الدين عباس بن محمد ، والأمير عماد الدين إدريس والأمير محمد بن حاتم ،
ومحمد بن أحمد بن عمرو ، ووصل المؤيد إلى صنعاء في المحرم سنة اثنين
وسبعمائة .
وأما سليمان بن قاسم صاحب ظفار ، فإنه لما نظر إلى المال عنده والخلع ، وقد
أخربت القنة وتعز ، وارتفعت عساكر السلطان عنها ، نوى الغدر ، وزهد في الرهائن ،
فكتب إلى المقيم بتلمص أن يسلم تلمص إلى الشريف أبي سلطان ، ففعل ذلك ،
وكتب سليمان بن قاسم إلى الملك المؤيد : أنه غلب على تلمص أبو سلطان ، وأنه قد
صار في حرزه ، وانتقض ما كان تقرر ، فأرسل المؤيد شكر بن علي إلى صاحب ظفار
يطالبه بإعادة المال ، وأخذ الرهائن ، فغالظ في الجواب ، وبادر بعمارة تعز الذي كان
أخربه ، وأكد بناءه ، وعاد الذين توجهوا ليتسلموا تلمص ، وتهدد السلطان صاحب
ظفار أنه إذا لم يعد المال أشهر رهائنه ، فلم يحتفل بالرهائن ، فتقدم المظفر بإشهار
ولديه ، وولد عمه ، ونعاه بالعيب ، كعادة العرب في الغادر بعد الوفاء ، ولما نظر
الشيخ علي بن محمد بن دحروج أن الشهرة لاحقته لا محالة ، بذل للملك المؤيد
الخدمة والنصيحة ، ووثقه من نفسه ، وأرسله صحبة سيف الدين طغريل - بعد إقطاعه
صنعاء ، وذلك في يوم الاثنين رابع عشر شهر ربيع الأول سنة اثنتين وسبعمائة -
بالعساكر إلى عمارة المنصورة وهي القنة ، وكان عند الأشراف أن العسكر لا يطلع
إليها ، ولا يعمرها فطلعها العسكر قهرا ، وتسنموا القنة ، وعمرت المنصورة ، واستمرت
العمارة بها ، واستمرت المحطة بورور ، ولحق الناس قحط شديد ، بلغ الزيدي في
ورور أربعة دنانير وأكثر من ذلك ، فخلا كثير من أهل البلاد .
فلما كان في أثناء شهر رجب تداعى الناس إلى الصلح على رد المال المسلم
في تلمص ، فردوا منه ستة عشر ألف دينار نقدا ، وحريرا وحليا بإثني عشر ألف دينار ،
ورهنوا على ما بقي ولدي الأمير أحمد بن قاسم وحصن المدارة على يد الأمير ابن
وهاس إلى عشرة أيام في شوال والقنة للسلطان .

الصفحة 113