كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)
"""""" صفحة رقم 117 """"""
ذكر مقتل الأمير سيف الدين طغريل مقطع صنعاء
وفي سنة تسع وسبعمائة غدر الأكراد بالأمير سيف الدين طغريل الخزندار مقطع
صنعاء ، وقتلوه في يوم الاثنين سادس عشر شهر ربيع الآخر .
وسبب ذلك أنهم توهموا أنه يريد القبض عليهم ، وأتاه النذير بذلك في تلك
الليلة ، فلم يعبأ به ، فخرج الأكراد من المدينة ، وقصدوا عسكر صنعاء فعقروا خيلهم ،
وتوجهوا نحو القصر الذي به الأمير المذكور ، فاستولوا على إسطبله وحالوا بينه وبين
مراكبيه ، وسألوه الخروج إليهم على ذمة ، فامتنع ، فحصروه إلى أن طلعت الشمس ،
فخرج إليهم على ذمتهم ، فقتلوه ، وقتل معه صهره وهو أستاذ داره ، وكاتبه ، ووالي
ذمار ، ونقيبه ، وأربعة من مماليكه ، فوصل عسكر صنعاء إلى الملك المؤيد فعوضهم
ما أخذه الأكراد ، وجرد الأمير شجاع الدين عمر بن القاضي العماد أمير جاندارة ،
والأمير شمس الدين عباس بن محمد إلى جهة صنعاء من طريق تهامة ، فدخلا ذمار ،
وانحازت الأكراد بجملتها إلى الوادي الحار ، فقصدهم العسكر ، وقاتلوهم ثلاثة أيام ،
وقتل من الأكراد ثلاثة نفر ، وأخذت خيلهم ، ثم تفرقت الأكراد في كل ناحية ، وعاد
الأميران إلى ذمار ، ثم حصر الأميران الأكراد بمصنعة عبيدة ثلاثة أشهر إلى نصف
رمضان ، وأنفقت أموال جليلة ، فلم تجد المحاصرة شيئا ، فتركا الحصار ، وسار الأمير
عباس بعسكر صنعاء إلى صنعاء ، واجتمع الأكراد إلى الإمام ابن المطهر ، وحالف
بني شهاب وأهل الحصون ، فقويت شوكته ، وقصد حصن ظفار ، فأخذه وحط في
حدة ، فقاتل من بصنعاء ، ووقعت حرب عظيمة على باب صنعاء ولم يكن فيها إلا
الأمير شمس الدين عباس في جمع قليل من عسكرها ، فثبت حتى وصلت إليه عساكر
السلطان ، وابن المطهر مقيم في حدة ، وظهره بلاد بني شهاب ، فلما اتصل ذلك
بالملك المؤيد بادر بنفسه إلى صنعاء ، فدخلها في يوم الخميس الثالث والعشرين من
شوال ، ووجه ولده الملك المظفر إلى قاع بيت الناهم فنزل به يوم الاثنين السادس من
ذي القعدة ، واستولى على بيت خبص ، وانهزم ابن المطهر هو ومن معه من الأكراد
إلى حاقد ، ثم طلعوا إلى سبأ ، وأقام ابن المطهر بجبل رهقة ، والأكراد في البروية ،
ثم افترقوا فسار الأكراد نحو طوران ، وقد باطنوا أصحابه ، وسار ابن مطهر نحو
ذروان .