كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 125 """"""
وفي سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة التحق جماعة من الجند إلى الملك الظاهر ،
وجماعة من عرب ذمار ، فأكرمهم ، وصاروا يغيرون على أطراف بلاد الملك
المجاهد ، وسار جماعة من المماليك إليه ، ووصل إليه الأمير غياث الدين محمد بن
يحيى بن منصور الشبابي ، فأكرمه ، وكاتب الأمير بدر الدين حسن بن الأسد والي
ذمار ، فأجابه .
وكان في جملة المماليك البحرية جماعة يكاتبون الظاهر ، ويميلون إليه ، منهم :
الأمير عز الدين أيبك الدوادار المؤيدي فجيش الأمير بدر الدين حسن بن الأسد ،
وجمع وحشد ، ودخل إلى الجند قاصدا حصار تعز ، وأمده الظاهر بأموال جمة من
الذهب والفضة ، فخرج إليه العسكر المجاهدي ، ومقدمهم إبراهيم بن شكر ، وكان قد
نزل إلى المجاهد من بلاده لما عاد الملك إليه ، ومعهم الفائز قطب الدين بن أخي
المجاهد ، فلما تراءى الجمعان نكس جماعة من المماليك والجند رماحهم ، والتحقوا
بعسكر الظاهر ، وصار العسكر بكماله ظاهريا ، وعاد الفائز من ليلته بمساعدة إبراهيم بن
شكر ، وحصل بين ابن شكر وبين الأمير بدر الدين حسن بن الأسد أيمان وعهود ،
وأجمع العسكر على دخول تعز ، ولاقاهم الأمير غياث الدين بن الشبابي من ناحية
الدملوة ، وضربت الخيام بمزارع عدنية ، وأقامت المحطة سبعة أيام ، وكان أهل تعز
في أشد ما يكون من التعب من قوة الحصار ، ثم التحق جماعة من العسكر
بالمجاهد ، فارتفعت المحطة .
ثم اضطربت أحوال المجاهد واختلفت آراء من حوله ، فأشار عليه بعض من
عنده - ويقال إنه ابن شكر - بالقبض على الأمراء البحرية والمماليك ، وكان المحرض
له عبد الرحمن المعروف بابن العنقاء ، وهجموا عليه سحرا ، فنجا بعضهم ، وقبض
على جماعة كثيرة ، ونهبت منازلهم ، وشنق بعضهم ، والتحق من هرب بالظاهر
وانضموا إليه ، فلما تحقق نفورهم عن المجاهد ، ووثق بمناصحتهم ، وكان منهم الأمير
بهاء الدين بهادر الصقري ، أرسلهم الظاهر إلى الخوخية ، وكان للظاهر بها محطة تبلغ
مائتي فارس ، وكانوا بين إقدام وإحجام ، فلما انتهوا إليهم ، وكان الحاث لهم على
النزول ، والمتدرك لهم بالبلاد بهادر الصقري فنزلوا إلى تهامة ، ودخلوا السلامة ،
وتوجهوا إلى حيس ، ثم توجهوا إلى زبيد ، فلما صاروا بالقرتب اختلفت آراؤهم ، فهمّ
جماعة منهم بالتوجه إلى جهة أخرى ، وهمّ آخرون بالرجوع إلى الظاهر ، ثم جمعهم
الصقري ، وثبتهم ، وتوجه هو وجماعة من المماليك إلى زبيد ، وكان بها الأمير
بدر الدين محمد بن طرنطاي ، وأمر البلد إليه ، فكاتبه الصقري ، فلم يعد إليه جوابا ،
وأصر على حفظ البلد .

الصفحة 125