كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)
"""""" صفحة رقم 127 """"""
غلمان الظاهر بإنسان وصل من عدن ومعه كتب فقتله ، وأخذ كتبه ، وأحضرها إلى
الظاهر ، فوجد في جملتها جوابا لابن النقاش ، وفيه فصول تتعلق بالأمير شجاع الدين
المذكور وإخوته لا ترضى ، وكان قبل ذلك قد توجه شجاع الدين إلى المجاهد بمال ،
وصحبته جماعة من الجحافل ، فلم يقابلهم المجاهد بما جرت به العادة ، فنفروا ، ونفر
شجاع الدين معهم ، وانضم إلى ذلك أن المجاهد طلب من شجاع الدين أن يقرضه
سبعين ألف دينار فرفض فزاد نفوره مع مشاحنة ابن النقاش .
فلما وقف الظاهر على الكتاب أرسل به إلى الأمير شجاع الدين ، فلما وقف
عليه أعلن أنه ظاهري ، وتوجه من ساعته ، وحاصر عدن ، فأقام عليها عشرين ليلة ، ثم
افتتحها في الثامن والعشرين من شعبان سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة برجال أدخلهم ،
وتحيلوا على فتح الباب ، ودخلوا البلد دخولا صعبا ، نهبت فيه أكثر البيوت
الخصوصية ، وعاث الجحافل في البلد ، وقبضوا على ابن النقاش ، ونهبوا داره ،
واستقر الثغر للأمير نجم الدين يوسف بن علي الصليحي ، وهو رجل شهم من بيت
الزعامة والرئاسة ، واستقرت المملكة كلها بيد الظاهر ونوابه ، ولم يبق مع الملك
المجاهد غير حصن تعز ، وهو يبذل لأهل صبر في كل شهر جملة من المال ، خوفا
منهم أن يقطعوا عنه الماء ويحاصروه .
وفي سنة أربع وعشرين وسبعمائة ثار الزعيم ابن الافتخار ببلاد المحالب ،
وتوجه إليه البحرية من قبل الظاهر ، وكسروه كسرة شنيعة ، وقتلوا من أصحابه جماعة .
وفي السنة المذكورة عقد الظاهر للأمير بهاء الدين بهادر الصقري الألوية ورفعت
إليه الطبلخاناة ، ودخل زبيد دخولا لم يعهد مثله ، وعامله الظاهر بأتم إحسان ، وهو
مع ذلك " يسر حسوا في ارتغاء " .
وفي السنة المذكورة خالف أهل صبر على المجاهد ، وقطعوا المياه عنه ،
وضعف حاله ، وشعث أهل المغربة وعدنية بين أهل صبر والمجاهد فجهز الظاهر
الأمراء البحرية ومقدمهم الأمير نجم الدين محمد بن طرنطاي ، ووافاه الأمير
شجاع الدين عمر بن بلبان الداودار العلمي من عدن ، فحطوا على الحصن وحاصروه .
وكان غياث الدين بن بوز من خواص أصحاب المجاهد قد فوض إليه أمر أستاذ
داريته ، وأتابكية عسكره ، فلما حوصر المجاهد استأذنه غياث الدين في اللحاق بهم ،