كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 128 """"""
وقال : إنه إذا وصل إليهم تحيل على استمالتهم إليه ، فإن مالوا إليه ، وإلا تحيل أن
يسقي ابن الدوادار السم ، فأذن له : فلما التحق بهم قالوا له : لا نقبلك ونتحقق
نصحك إلا إذا نصبت المنجنيق على تعز ، ورميتها به ، وبالغت بالنصيحة للملك
الظاهر ، فراسل المجاهد في ذلك ، وقال له : إنهم لا يرضون مني إلا أن أرميك
بالمنجنيق ، فأذن له في ذلك ، فنصب عليه المنجنيق ورموه بها ، وأزالوا ما بتعز من
المناظر والمنازل .
قال القاضي تاج الدين : فأخبرني المحقق للحال ، أن الذي وصل إلى الحصن
من الحجارة المنحوتة أربعة آلاف حجر ، وحصل قتل كثير ، وخربت تعز خرابا لا
يتدارك ، وخلت أكثر بيوتها ، واستمر الحصار إلى ذي الحجة سنة أربع وعشرين
وسبعمائة .
ولما اشتد الحصار على المجاهد ، ورأى تألب الناس عليه ، وخروج البلاد عنه ،
راسل السلطان الملك الناصر في ذلك ، واستغاث به ، وتضرع إلى مراحمه ، والتزم
تحمل الأموال ، والتحف والنفقة في العساكر ، فوصلت رسله إلى الأبواب السلطانية
وذلك في سنة خمس وعشرين كما تقدم ، فكان من تجهيز العساكر المصرية ما نذكره
إن شاء الله تعالى .
قال : واتفق أن الأشراف كانوا قد استولوا على صنعاء بعد وفاة الملك المؤيد
عندما وقع الاختلاف بين الملكين باليمن ، فلما علموا أن الصقري ومن معه من
المماليك استولوا على زبيد وبلاد تهامة ، وأنهم مظهرون الطاعة للملك الظاهر بن
الملك المنصور ، مخالفون على المجاهد ، وأنهم استقلوا بأموال البلاد لا يحملون منها
إلى الظاهر شيئا ، تحرك الأشراف عند ذلك ، ونزلوا في جمع كبير يقال إن عدتهم
كانت خمسمائة فارس وكثير من الرجال ، وراسلوا الأمير بهاء الدين بهادر الصقري أن
يعطيهم نصف بلاد تهامة ، فقال : لا جواب لكم عندنا إلا السيف ، فوقعت الحرب
بينهم على وادي سهام من عمل الكدراء ، فكانت الدائرة على المماليك ، وأسر
الأشراف جماعة من أعيانهم ، فعند ذلك اضطربت المحطة الذين كانوا يحاصرون
المجاهد بتعز ، وفارقوا الحصار ، وتوجهوا لإنجاد أصحابهم ، وأظهر الأشراف عند
ذلك الانتصار للمجاهد .
وكان الحامل لهم على ذلك ولدا المظفر أخي المجاهد ، وهما : الملك المفضل
شمس الدين يوسف ، والملك الفائز قطب الدين أبو بكر ، فإنهما التمسا من الأشراف
نصرة عمهما الملك المجاهد .

الصفحة 128