كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 132 """"""
الشهر ، ونزل جعل ، وتعرف بعمق وهو أول بلاد المين ، ووصل إلى حرض في
التاسع والعشرين من جمادى الآخرة ، وهي أول بلد يجبى خراجه لملك اليمن ، وهي
خاص الملك ، وعند الوصول إليها أشهر مقدم العسكر النداء بالعدل ، وألا يتعرض
أحد للرعية ، ورحل منها ووصل إلى المحالب في ثالث شهر رجب .
ووصل جواب الملك المجاهد إلى مقدم العسكر بهذه المنزلة ، وظهر من فحوى
جوابه ما دل على أنه سقط في يده ، وندم على طلب العسكر ، وخاف على نفسه ،
فأعيد جوابه صحبة جمال الدين عبد الله الدواداري البريدي بما يسكن خاطره ، ويطيب
نفسه ، وكان الحصار قد ارتفع عن الملك المجاهد لما بلغهم إقبال العسكر ، وأطاعه
جماعة ممن كان خالفه ، وخرج عليه كما تقدم ، وقبض المجاهد عند ذلك على ابن
عمه جلال الدين بن الملك الأشرف وابن طرنطاي وحضر إلى مدينة زبيد ، ليتلقى
العسكر ، فلما قرب العسكر من زبيد قويت إشاعة أن الملك المجاهد عزم على ألا
يتلقى العسكر ، وأن يعود إلى تعز ، ووصل العسكر إلى بلد تسمى فشال في ثامن
رجب ، فأرسل مقدم العسكر إلى المجاهد ملطفا كان على يده من جهة السلطان يخبره
فيه بما رسم فيه باطنا وأرسله على يد الأميرين : عز الدين أيدمر الكوندكي ،
وحسام الدين طرنطاي الإسماعيلي ، وهما من أمراء العشرات ، فتوجها إليه ، وعرفاه
أن يقف على الملطف ، ويكتم ما تضمنه ، وإذا وصل المثال السلطاني ، وقرئ في
المجلس العام تقابل الأوامر فيه بالسمع والطاعة .
ثم وصل العسكر إلى زبيد في يوم الأحد عاشر رجب الفرد ، وخرج الملك
المجاهد للقائه ، فتلقاه بالقرب من أسوار البلد ، وألبسه مقدم العسكر التشريف
السلطاني ، وعاد المجاهد والعساكر في خدمته إلى داره ، وترجل مقدم الجيش
والأمراء في خدمته حسب ما أمرهم السلطان ، ومشوا حتى انتهوا إلى الإيوان الذي
يمد فيه الإخوان ، فعضده الأمير ركن الدين بيبرس عند نزوله عن فرسه ، وبذلك
كله كان السلطان أمره عند توجهه ، وقرئ عليه المثال السلطاني ، في المجلس العام
بعد أن قبل الملك المجاهد الأرض عند رؤية المثال ، ومد المجاهد للعسكر إخوانا .
وتحدث مقدم العسكر مع الملك المجاهد في إرسال رسول إلى الملك الظاهر
بقلعة الدملوة بالمثال السلطاني إليه ، فوافق على ذلك ، ثم كرهه بعد الموافقة ، فجهز

الصفحة 132