كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 133 """"""
إلى الظاهر عز الدين الكوندكي ، وحسام الدين طرنطاي الإسماعيلي ، فتوجها من زبيد
نحو الدملوة ولما توجها تحدث الملك المجاهد مع مقدم العسكر أن يجرد معه مائتي
فارس ، ليتوجه أمامه إلى تعز ، وذكر له أنه بلغه أن الملك الظاهر قد عزم على مفارقة
الدملوة ، واللحاق بحصن السمدان ، وأنه حصن حصين ، ومتى صار به تعذر الوصول
إليه ، وذكر أن الطريق لا تسع العساكر بجملتها ، فجرد معه الأمير سيف الدين ططقر
العفيفي السلاح دار ، والأمير سيف الدين قجماز بنخاص ، وتوجهوا من زبيد في
سادس عشر رجب ، ووصلوا إلى تعز في العشرين من الشهر .
ثم توجه الأمير ركن الدين ببقية العسكر إلى تعز ، فوجد رسله الذين أرسلهم
إلى الملك الظاهر قد منعهم نائب قلعة تعز من التوجه إلى الدملوة ، واعتذر أنه خشي
عليهم من الطرقات ، فجهز معهم الأمير سيف الدين عطيفة أمير مكة ، وتوجهوا إلى
الملك الظاهر ، واجتمعوا به ، فوقف على المثال السلطاني ، وكان يتضمن الاتفاق بين
الملكين ، فسأل الظاهر الكشف عن سيرته وسيرة المجاهد ، وأن تكون قلعة الدملوة
للسلطان ، ويكون نائبه بها ، وأكرم الرسل غاية الإكرام ، وأعادهم .
وحصل من الملك المجاهد في خلال ذلك اضطراب كثير ، وعدم موافاة بما
كان التزم به ، وقرره على نفسه من النفقة على العسكر ، وكان جميع ما أعطاهم في
جملة ثمن ما تنبل للجند من الجمال ثمانية وأربعين ألف درهم ، وطولب بعلوفات
دوابهم ، فاعتذر أن خيله لها سبعة أيام ما أكلت عليقا ، وأنه لا شيء عنده ، فالتمس
منه أن يأمر رعيته ببيع العليق للجند ، والجند يقومون بالثمن ، فقال : ما عندي إلا ما
تأخذونه بسيوفكم .
ولم يكن مع المقدم مرسوم بالقبض على المجاهد ، ولا نهب البلاد ، فلذلك
كف العسكر عنهم ، وضاقت الميرة على العسكر ، ومرض جماعة منهم ، وتوجه
جماعة من أجناد الحلقة إلى بعض الجهات ليبتاعوا ذرة برسم عليق دوابهم ، فخرج
عليهم جماعة من أهل جبل صبر ، فأخذوا الجمال ، وجرحوا الجمال ، فوصل الخبر
إلى مقدم العسكر ، فأرسل جماعة لكشف الخبر ، فقاتلهم أهل الجبل وكاثروهم ،
فركب بنفسه ، وتوجه إليهم ، فاعتصموا منه بالجبل ، وهو جبل وعر صعب المسلك لا
ماء فيه ، فصعد جماعة من العسكر إلى الجبل مشاة ، وقتلوا من أهله نحو ثلاثمائة
نفر ، واشتد العطش بالعسكر ، فمات منهم خمسة أحدهم من المماليك السلطانية ،
والآخر من الحلقة ، وثلاثة من أصحاب الأمير سيف الدين قجماز بنخاص .

الصفحة 133