كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 138 """"""
وفيها في يوم الثلاثاء ثالث عشر شهر رمضان عادت رسل السلطان من جهة
الملك أزبك صاحب البلاد الشمالية ، وهم : الأمير سيف الدين بكمش الجمدار
الظاهري ، والأمير بدر الدين بيليك السيفي السلاري المعروف بأبي غدة ، وصحبتهما
رسله ورسل الأشكري ، ومعهم التقادم ، فسمع السلطان رسالتهم ، وأنعم عليهم ،
وأعادهم صحبة رسله ، وهم الأمير سيف الدين أضجلي أحد الأمراء ، وسيف الدين
قرادمر أحد المقدمين ، وأصحبهم الهدايا ، فتوجهوا ، وكان خروج رسل الملك أزبك
من بين يدي السلطان في يوم الاثنين السادس من شوال ، بعد أن شملهم بالخلع
والإنعام ، وتوجهوا في يوم الجمعة عاشر الشهر .
ذكر وفاة الأمير ركن الدين بيبرس المنصوري
وفي ليلة الخميس المسفر صباحها عن خامس عشرين شهر رمضان المعظم
من هذه السنة كانت وفاة الأمير ركن الدين بيبرس الدوادار المنصوري ، وهو من
أكابر مماليك السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون في زمن إمرته ، وكان
رحمه الله تعالى أجلّ الأمراء في وقته لا يتخطاه أحد ، ولا يجلس في مرتبته ، وهو
رأس الميسرة ، وتأمر في ابتداء الدولة المنصورية السيفية ، ثم فوض السلطان الملك
المنصور إليه نيابة قلعة الكرك كما تقدم ، ونقل منها إلى الديار المصرية في جملة
الأمراء في الدولة الأشرفية الصلاحية ، ورد إليه في ابتداء الدولة الناصرية أمر ديوان
المكاتبات لصغر سن السلطان في ذلك الوقت ، وتنقل في المراتب ؛ فكان ينوب عن
السلطنة الشريفة في الغيبة ، ثم ولي نيابة دار العدل الشريف ، ونظر البيمارستان
المنصوري في أول الدولة الناصرية الثالثة ، ثم فوض إليه نيابة السلطنة الشريفة
استقلالا ، ثم قبض عليه بعد ذلك ، وأفرج عنه كما تقدم ذكر ذلك ، واستقر في
جملة أكابر الأمراء ، وجلس رأس الميسرة ، وكان رحمه الله تعالى مولعا بالتاريخ ،
يديم مطالعته ، وألف كتابا سماه : " زبدة الفكرة في تاريخ الهجرة " في أحد عشر
مجلدا ، وتاريخا مختصرا منه في مجلدين ، واستعان على تأليفه في ابتدائه بكاتبه

الصفحة 138