كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)
"""""" صفحة رقم 148 """"""
تهدمت قبورها ، ولم يبق إلا قبر الإمام أحمد فإنه سلم من الغرق ، واشتهر هذا الأمر
بها واستفاض .
قال : وورد كتاب شمس الدين بن منتاب يتضمن أن الماء حمل خشبا عظيم
الخلقة ، وزنت خشبة منه فكانت بالبغدادي ستمائة رطل ، وجاء على الخشب حيات
كبار خلقتهن غريبة منها ما قتل ، ومنها ما صعد في النخل والشجر ، وكثير منها مات ،
ولما نضب الماء أنبت على الأرض نباتا صورته صورة البطيخ ، وشكله على قدر
الخيار وفي طعمه محوحة ، وأشياء غريبة الشكل من النبات . قال : ومحلة الصراصرة
صعد الماء في دورها إلى الوسط وأكثر وأقل ، وذكر أشياء من أمر الغرق اختصرتها ،
قال : وأما محلة الرقيقة فإنها بقيت أرضا بغير حائط قائم ، وغرقت مقبرة معروف ،
وتربة بنت المنذر وغيرها .
هذا ملخص ما حكاه مما لخصه هو ، والله تعالى أعلم بالصواب .
واستهلت سنة ست وعشرين وسبعمائة بيوم الأحد الموافق لثاني عشر كيهك من
شهور القبط
والسلطان الملك الناصر بالوجه البحري من الديار المصرية يتصيد ،
والديار المصرية المحروسة في غاية ما يكون من الرخاء والأسعار في غاية الرخص ،
والخبز العلامة ثمانية عشر رطلا بدرهم نقرة ، والقمح الطيب الإردب بثمانية دراهم ،
والشعير الإردب بخمسة دراهم ، والفول بستة دراهم ، وسائر الحبوب رخيصة الأسعار
إلى الغاية .
هذا ، وقد قصر النيل في سنة خمس وعشرين وسبعمائة بحيث أن غالب بلاد
الصعيد الأعلى صارت قليلة الري جدا ، ومع ذلك فإن الأسعار في سائر أعمال الديار
المصرية رخيصة متساوية ، أو متقاربة في الرخص .
وفي شهر المحرم من هذه السنة عاد السلطان من الوجه البحري وتوجه إلى
" دهشور " من الأعمال الجيزية ، وعاد إلى قلعة الجبل فصعد إليها في الساعة الثالثة من
يوم الخميس ثاني عشر الشهر ، وأقام بها إلى يوم السبت الحادي والعشرين من
الشهر ، وتوجه في بكرة هذا النهار إلى جهة سرياقوس ، ودخل الخانكاه الناصرية ،
ورسم بزيادة عدد القراء بها ، لتكملة مائة ، ثم توجه منها وعدّى إلى بر الجيزية ،
ورسم بإنشاء جسر بها يحبس الماء ويصرف منه إلى جهة البحيرة ، وأمر الأمراء
ورجال الحلقة المنصورة بعمله ، فعمل في صفر .