كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 15 """"""
أهل الذمة فليس له ولا لغيره نقضه ؛ وقرأ له النص في ذلك ، فسكت ولم يرضه
ذلك .
وكان سبب ذلك أن من له اعتناء بالنصارى حسن ذلك للسلطان ، وقال : إن
النصارى يحملون على ذلك مالا ، فتكلم في ذلك فأجيب بهذا الجواب .
ولما انقضى مجلس دار العدل ، وانصرف القضاة ، وقدم إلى السلطان طعام
الطارئ ، أخرج الأمير جمال الدين يغمور ، أحد أستاذدارية السلطان ، من صولقه فتيلة
من الفتائل التي أخذت من النصارى الذين وجدوا بالجامع الظاهري ، ورآها الأمير
ركن الدين بيبرس الأحمدي أمير جندار ، فتقدم بها أمير جاندار إلى السلطان ،
وعرضها عليه ، فسأله عنها ، فقال : هذه مما وجد مع النصارى الذين قصدوا إحراق
الجامع الظاهري ، ولم يكن السلطان أطلع على ذلك ، فغضب وسأل عنهم ، فقيل :
إنهم أطلقوا ، فألزم متولي القاهرة بإحضارهم ، فأحضرهم ، فاعترف اثنان أنهم حرقوا ،
وقالوا : إنهم جماعة كبيرة ، منهم من يحرق المدينة ، ومنهم من خرج إلى الأرياف
ليحرق الزروع ، وأنكر الثالث ، فسلمه السلطان للأمير سيف الدين " الدمر " أمير
جاندار ، فقرره فأقر ، بالتهديد والتخويف قبل الضرب ، واعترف على راهب
بالخندق ، فما شك السلطان عند ذلك في أن الحريق من قبل النصارى اليعاقبة ،
فغضب عند ذلك ، وأنكر غاية الإنكار ، ثم قبض على جماعة من النصارى ، وجيء
بهم ، وهم يعترفون ، ومنهم من اعترف على بعض كتاب ومتولي النصارى أنهم
أعانوهم بالمال حتى أقدموا على ذلك ، فلم يزادوا على الاعتقال ، لتظافر العناية بهم
ممن تقدم إسلامه من القبط .
فلما كان في يوم الخميس السابع والعشرين من الشهر جلس السلطان على العادة ،
وحضر الأمراء وغيرهم إلى الخدمة ، فخاطب السلطان أكبار الأمراء في هذا الأمر ،
وقال : قد قررت على النصارى مضاعفة الجزية فيؤخذ منهم جزيتان ، وأمر أن ينادى في
المدينتين أن يلبسوا الثياب الزرق مضافة إلى العمائم ، وأن يشدوا الزنانير فوق ثيابهم ،
وأن يميزوا إذا دخلوا الحمام بجلجل يجعلونه في أعناقهم ، وألا يستخدموا في الدواوين
السلطانية ، ولا في دواوين الأمراء ، ولا في الأعمال والبرور ، فنودي بذلك .

الصفحة 15