كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)
"""""" صفحة رقم 150 """"""
السلطاني بالجيزية في يوم الاثنين ثالث عشر شهر ربيع الأول ، وكانت الشاعة قد
قويت أن السلطان يفوض إليه نظر الدولة ، ومن الناس من أشاع أنه يلي الوزارة ،
ومنهم من أشاع أنه يفوض إليه نظر الوكالة السلطانية ، وقلق الناس لذلك قلقا عظيما ،
فلما وصل إلى المخيم السلطاني لم يجد قبولا من السلطان ، وأنكر عليه إنكارا
شديدا ، ثم رسم له بملازمة داره بظاهر القاهرة ، وطلب القاضي شرف الدين
عبد الرحمن الخطير - وهو ناظر ديوان نائب السلطنة الشريفة - في ليلة الثلاثاء سادس
شهر ربيع الأول ، وفوض إليه نظر النظار والصحبة ، على عادة شمس الدين غبريال ،
وخلع عليه ، وذلك بمنزلة سفط من الأعمال الجيزية ، وباشر ذلك ، واستمر كريم الدين
بمنزله بخط بركة قرموط ، ومنع من فتح بابه ، واجتماع الناس إليه إلى أن عاد السلطان
إلى قلعة الجبل ، فكتب له توقيع بإشارة الوزير الأمير علاء الدين مغلطاي الجمالي
بنظر منفلوط ، ورسم له بتشريف على عادة نظار الجهة ، فقلق لذلك قلقا شديدا ،
فاعتنى به نائب السلطنة الأمير سيف الدين أرغون ، وخاطب السلطان في أمره ،
وأوضح له التحامل عليه ، فقطع التوقيع ، وبطل ما كان قد رسم به فيه .
وفي ليلة الاثنين رابع شهر ربيع الآخر توجه كريم الدين المذكور إلى الحمام
فرصده جماعة إلى أن خرج منه ، فوثبوا عليه ، وضربه أحدهم بسيفه ، فالتقى الضربة
بدبوسه ، ثم هرب بفرسه ، فسلم ، وقتل اثنان ممن كانوا معه ، وجرح الثالث ، فأما
أحد المقتولين فاحتمله الرجال الذين وثبوا على كريم الدين ، فلم يعلم خبره ، وأما
الثاني فأثخنته الجراحة فمات في يوم الاثنين صبيحة تلك الليلة ، وأمسك الذي جرح وكان من الجند من أصحاب كريم الدين ممن كان معه في الحمام ، وقيل له : إنما
كنت مع الذين قصدوا قتله ، فاعتقل بسجن الولاية ، وكان معه أيضا نفران من خير
الحرسة ، فمسكوا وقيدوا ، واستعملوهم في جملة المقيدين بالعمارة السلطانية ، وسأل
كريم الدين عقيب هذه الحادثة أن يفسح له في سكن القاهرة ، فرسم له بذلك
فسكنها .
فلما كان في يوم السبت تاسع شهر ربيع الآخر رسم السلطان بطلب كريم الدين
وأولاده ، فطلبوا إلى قلعة الجبل أشد طلب ، وأحضروا بين يدي الوزير ، فطالبه
بالمال ، فقال : لا مال عندي ، وأنا ما تعرضت لمال السلطان ، وأشباه هذا من الكلام ،
فضرب ابنه سعد الدين فرج الله بالمقارع ، وسلم ولده الصغير لمتولي القاهرة ،
وعرض كريم الدين على الضرب فوجد في كمه أوراقا تشتمل على مرافعات ، وقصد