كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)
"""""" صفحة رقم 151 """"""
الوزير أخذها منه ، فامتنع ، وقال : لا أسلمها إلا للسلطان ، فطولع السلطان بذلك ،
فأرسل الأمير سيف الدين بلبان الساقي إليه ، فتسلمها منه ، وعرضت على السلطان ،
فطلب الأمير علاء الدين مغلطاي الجمالي الوزير ، وأمره بالإفراج عن أولاد
كريم الدين ، وأن يكون هو عنده في مكان من داره ، ففعل ذلك في اليوم المذكور ،
ثم رسم في بقية النهار بعقوبة كريم الدين ، وتقريره على المال ، فسعطه بالخل
والجير ، فناله من ذلك شدة عظيمة ، حتى خرج الدم من حلقه ، ورسم عليه وعلى
ولده سعد الدين فرج الله في بقية يوم السبت والأحد ، ثم رسم بإخراجهما وإرسالهما
إلى ثغر أسوان ، فسأل كريم الدين أن يكون اعتقاله بغزة ، فلم يجب إلى ذلك ،
وأخرج من باب القرافة من في أول يوم الاثنين الحادي عشر ، شهر ربيع الآخر ، هو
وولده سعد الدين ، فتسلمهما متوليا القاهرة ومصر وشاد الصناعة ، فتوجهوا بهما
وحجلا في سلورة ، وأرسلا إلى ثغر أسوان ، وفرق بينهما ، فجعل كل منهما في
خنّ لم يجتمع أحدهما بالآخر على ما بلغني من المحقق للحال إلى أن وصلا إلى
ثغر أسوان ، فكان وصولهما في ليلة الاثنين الخامس والعشرين من الشهر ، فأنزل بدار
تعرف بدار يحيى ، وهي الدار التي أنزل بها من قبل كريم الدين الوكيل ، فبات بها
بعض ليلة الاثنين ، ويوم الاثنين بكماله ، وتوفي في ليلة الثلاثاء في الثلث الأول ،
ودفن في بقية الليلة ، ولم يصل عليه ، ودفن بين مقابر المسلمين وأهل الذمة ، أخبرني
بذلك القاضي شرف الدين شعيب بن القاضي جمال الدين يوسف السيوطي ، وهو
الحاكم بثغر أسوان يومئذ .
ذكر وصول رسل الملك المجاهد متملك اليمن بالتقادم
وفي هذه السنة في سادس عشرين شهر ربيع الأول وصل إلى الأبواب الملكية
السلطانية الناصرية رسل الملك المجاهد سيف الإسلام علي - المتقدم ذكره - وهو
صاحب زبيد وتعز وما مع ذلك من بلاد اليمن ، وهما : جمال الدين محمد بن يونس ،
وابن الجلال ، وأحضرا على أيديهما كتاب مرسلهما ، وتقادم وتحفا سنية ، فمثلا بين
يدي السلطان بعد عوده من الصيد ، وقدما له ما أحضراه ، فقبل ذلك ، وأنعم عليهما
بما جرت به عادة أمثالهما ، وأعيدا إلى مرسلهما .