كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 156 """"""
ناصر الدين محمد بن الملك العادل سيف الدين أبي بكر محمد بن أيوب ، وهو
صاحب حصن كيفا .
وكان سبب حضوره أنه أقام مدة سنين لا ينزل من الحصن إلى نواب الملك أبي
سعيد إذا حضروا إلى البلاد على جاري عاداتهم ، بل يرسل إليهم الهدايا والتقادم
الجارية بها العادة ، وتحصن بالحصن ، ثم شرع بنهب من ينفرد من التتار ، ويتعرض
إلى إقطاع الأمير الذي أقطع له أعمال حصن كيفا ، فشكاه الأمير المقطع إلى الملك
أبي سعيد ، وقال : إنه يأخذ أكثر ما يتحصل من إقطاعه ، وأنهى إلى الملك أنه عصي
بالحصن ، وأنه لا ينزل إلى نائب الملك إذا وصل ، فكتب أبو سعيد إلى نائبه في تلك
الجهة يستعلم منه : هل هو في الطاعة على عادته أو خرج عنها ؟ فأجابه النائب أنه
على عادته في الطاعة ، وأنه ينزل إليه إذا حضر إلى جهة الحصن ، وأرسل النائب إلى
الملك الصالح المذكور يعرفه ما ورد عليه ، وما أجاب به ، وقدم إليه تقادم كثيرة
بسبب ذلك ، وواعده أنه إذا وصل إلى الحصن ينزل إليه ، ثم خاف على نفسه أنه إن
نزل إليه قبض عليه ، فحضر إلى الأبواب السلطانية ، وأشاع أنه إنما حضر بسبب
الحج . أخبرني بذلك المحقق للحال ، وهو الأمير علاء الدين علي بن الملك
الموحد ، وهو عم الملك الصالح .
ولما وصل الملك الصالح إلى الأبواب السلطانية الملكية الناصرية شمله الإنعام
السلطاني بتشريف طردوحش بقصب وكلوته بزركش ، وحياصة ذهب ، وثلاثين
ألف درهم ، ورسم له بعوده إلى مملكته بحصن كيفا ، وكتب على يده كتابا إلى الأمير
جوبان نائب الملك أبي سعيد يتضمن الوصية به ، والإحسان إليه ، وأعاده في العشر
الأوسط من الشهر على خيل البريد إلى دمشق المحروسة ، وتوجه منها على خيله بمن
حضر معه من إلزامه ، وكتب السلطان إلى نائب السلطنة بحلب المحروسة أن يجرد

الصفحة 156