كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 161 """"""
السلطاني ، واعتقل معه أخوه زين الدين عبد الرحمن ، ومنع من الفتيا واجتماع
الناس به .
وسبب ذلك أنه أفتى أنه لا يجوز زيارة قبر رسول الله [ ] ، ولا قبر إبراهيم
الخليل ، ولا غيرهما من قبور الأنبياء والصالحين ، وتوجه بعض أصحابه وهو الشمس
محمد بن أبي بكر إمام المدرسة الجوزية في هذه السنة لزيارة البيت المقدس ،
فرقي منبرا في حرم القدس الشريف ، ووعظ الناس وذكر هذه المسألة في أثناء وعظه ،
وقال : ها أنا من هنا أرجع ولا أزور الخليل ، وجاء إلى نابلس ، وعمل مجلس وعظ ،
وأعاد كلامه ، وقال : ولا يزار قبر النبي [ ] ، ولا يزار إلا مسجده ، فقصد أهل نابلس
قتله ، فحال بينهم وبينه متوليها ، وكتب أهل القدس وأهل نابلس ودمشق بما وقع منه ،
فطلبه قاضي القضاة شرف الدين المالكي ، فتغيب عنه ، وبادر بالاجتماع بقاضي القضاة
شمس الدين محمد بن مسلم الحنبلي قاضي الحنابلة ، وتاب عنده ، وقبل توبته ،
وحقن دمه ، ولم يعزره .
فنهض الفقهاء بدمشق عند ذلك ، وتكلموا على الشيخ تقي الدين ، وكتبوا فتيا
تتضمن ما صدر منه ، وذكروا هذه المسألة وغيرها ، فأفتى العلماء بكفره ، وعرضت
الفتيا على نائب السلطنة بالشام ، الأمير سيف الدين تنكز ، فطالع السلطان بذلك ،
فجلس السلطان في يوم الثلاثاء التاسع و العشرين من شهر رجب بالميدان الذي هو
بذيل قلعة الجبل ، وأحضر القضاة والعلماء ، وعرض عليهم ما ورد في أمره من
دمشق ، فأشار قاضي القضاة بدر الدين محمد بن جماعة الشافعي باعتقال تقي الدين
المذكور ، فرسم باعتقاله ومنعه من الفتيا ، ومنع الناس من الاجتماع به ، وأن يؤدب
من هو على معتقده ، وتوجه البريد بذلك ، فوصل إلى دمشق في يوم الاثنين سادس
شعبان ، فاعتقل ، وقرئ المثال السلطاني بعد صلاة الجمعة العاشر من الشهر على
السدة بجامع دمشق .

الصفحة 161