كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)
"""""" صفحة رقم 169 """"""
ومماليكه يتصيد ، فرسم له بالحضور إلى الأبواب السلطانية على خيل البريد فوصل ،
وتلقاه الأمير سيف الدين بكتمر الساقي إلى سرياقوس ، وتصيد معه في تلك الجهة ،
ولما وصل توجه ، فمثل بين يدي المقام الشريف ، وشمله الإنعام السلطاني على
عادته ، ونزل عند الأمير سيف الدين بكتمر الساقي بداره بقلعة الجبل .
ولما كان في يوم الأحد سادس الشهر جلس السلطان ، ووقف الأمير سيف الدين
تنكز بين يديه والأمراء المماليك السلطانية ، فنظر السلطان إلى الأميرين سيف الدين
طشتمر البدري ، وسيف الدين قطلوبغا الفخري ، وقال لقطلوبغا : قد ضجرت مما
أسمع عنك ، وهذا كلام كثير ، وما أعرف رضاكم في أي شيء حتى أفعله ، وأشباه
هذا من الكلام ، وأظهر الغضب الشديد ، والحرج والحدة ، وأمر الأمير سيف الدين
قجليس أمير سلاح بالقبض عليهما ، فتقدم إلى كل منهما وأخذ سيفه ، وتوجه بهما إلى
الاعتقال ، فاعتقلهما ، وكان ذلك ببرج السباع بالقلعة واشتد الأمر عليهما ، وقيل :
إنهما قيّدا .
فلما كان عشية النهار اضطرب المماليك السلطانية سكان الطباق لذلك اضطرابا
شديدا ، ويقال : إنهم امتنعوا من الدخول في الخدمة ، وقالوا نحبس جميعا ، فإن
هؤلاء هم أكابرنا ، وأخص الناس بالسلطان ، فإذا قبض عليهما بغير ذنب فكلنا
نحبس ، فطالع الأمير سيف الدين صواب - المقدم عليهم - السلطان بذلك ، فطلب
الأمير سيف الدين تنكز ، وعرفه ذلك ، فتلطف في أمرهما وقبّل الأرض مرارا بين
يدي السلطان ، وشفع فيهما ، فأفرج عنهما في بقية النهار . وأقر الأمير سيف الدين
طشتمر على إقطاعه ، وأسكنه في القاعة الحسامية التي أفردت من دار النيابة ، وكان
قبل ذلك يسكن داخل باب القلعة بقرب مساكن السلطان .
وأما الأمير قطلوبغا الفخري ، فإن حرج السلطان عليه كان أشد ، لما كان يتكلم
به بين يديه من الرد عليه ، وكثرة الإدلال ، فأنزل إلى إسطبله ، ورسم السلطان بإخراجه
إلى الشام ، فعين له إقطاع الأمير علاء الدين أيدغدي التليلي وهو من جملة أمراء
الطبلخاناه ، وكان قد أنهى إلى السلطان أنه عجز عن الخدمة ، وقّل نظره ، وتغير
ذهنه ، فوفره من الخدمة ، وأنعم عليه براتب ، وأخرج إقطاعه للأمير المذكور ، وزاد