كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 17 """"""
22 ] ) فأدخلوا نارا فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا ( [ نوح : 25 ] ، وتعرضوا لرمي نيران
أطفأها الله بفضله ، ومكروا مكرا سيئا ) ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله ( [ فاطر : 43 ]
اقتضى رأينا الشريف أن نأخذهم بالشرع الشريف في كل قضية ، ونحدد عليهم العهود
العمرية ، وأن يقرر على من شمله عفونا ممن ضعف منهم ضعف الجزية ما تكون به
أنفسهم تحت سيوفنا مرتهنة ، ونضرب عليهم في لباسهم وحرماتهم الذلة والمسكنة ،
فلذلك رسم بالأمر الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي الناصري ، لا يزال
ناصر الدين بجوده وعدله ، مظهر دين الحنيفية على الدين كله ، أن تستقر الجزية على
سائر النصارى بالوجه القبلي ضعف ما عليهم الآن ، فيؤخذ من كل نصراني ماليتان :
المستقرة أولا واحدة ، والزيادة نظير ذلك ، للخاص الشريف ، مهما كان مستقرا بسائر
النواحي في الوجه القبلي في الإقطاع حسب ما قررت في الروك المبارك الناصري ،
يكون للمقطعين ، والزيادة الثانية المضاعفة الآن تكون للخاص الشريف ، وأن يلبس
سائر النصارى عمائم زرقاء ، وثيابا زرقا ، ويشدوا الزنار في أوساطهم ، وألا يستخدم
أحد من النصارى في جهة من الجهات الديوانية ، والأشغال السلطانية ، وكذلك لا
يستخدم أحد من الأمراء أحدا من النصارى عنده ، وأن يبطلوا جميعهم من الجهات
التي كانوا يخدمون بها ، والحذر ثم الحذر من أن أحدا منهم يخرج عما رسمنا به ،
ومن فعل ذلك منهم كانت روحه قبالة ذلك ، ولا ينفعه بعدها فدية ولا جزية ، ويحسم
مادة فسادهم ، وينكشف بذلك ما أظهروه من سوء اعتمادهم ، فليثبت حكم هذا
المرسوم الشريف ، وليدخل تحت أمره المطاع كل قوي وضعيف ، وليستقر ضرب هذه
الجزية استقرارا بلا زوال ، مستمرا بدوام الأيام والليال ، باقية بدوام الأعوام والسنين ،
مخلدة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين ، فإنها حسنة ساقها الله
تعالى لدولتنا الشريفة ومثوبة ، وذخيرة صالحة لم تزل في صحائفنا الطاهرة مكتوبة ،
ومعدلة نشرها الله تعالى على يدينا في الآفاق ، وأجر يكون ثوابه عند الله باق ، وسبيل
كل واقف عليه - واليا ونائبا ، وحاضرا وغائبا ، وناهيا وآمرا ، وشادا وناظرا ، ومأمورا
وأميرا ، وكبيرا وصغيرا - الانتهاء عند هذا التحذير ، فيبادرون إلى امتثال هذا المرسوم
الشريف ويسمعونه ، ويسارعون إلى العمل بما فيه وينفذونه ، ويقفون عند حكمه
ويمتثلونه ) فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه ( [ البقرة : 181 ] ، والله تعالى
يعلي منار الإسلام ويزيده قوة وإظهارا ، ويجعل الدائرة على أعداء الدين ، ولا يذر
على الأرض من الكافرين ديارا ، يعد الخط الشريف أعلاه حجة بمقتضاه ، وكتب في
سابع عشرين جمادى الأولى سنة إحدى وعشرين وسبعمائة حسب الأمر الشريف .

الصفحة 17