كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 170 """"""
عليه قرية عنجرا ، وعبرتها في السنة عشرون ألف درهم ، وتوجه صحبته الأمير
سيف الدين تنكز إلى الشام ، وذلك في يوم السبت ثاني عشر شهر ربيع الآخر ، وقدم
السلطان على ألفه الأمير سيف الدين طغيتمر العمري الناصري .
ولما توجه الأمير سيف الدين قطلوبغا الفخري إلى الشام أوصى ألا يسكن
اصطلبه لأحد من الأمراء ، فاتصل ذلك بالسلطان ، فأمر بهدمه ، وهو الاصطبل الذي
كان قد أنشأه الأمير سيف الدين طغاي ، وهو تحت القلعة فيما بين القلعة وبين
البرقية ، وله باب آخر من جهة التبانة فيما بين المصلى وقلعة الجبل ، وبه حوض سبيل
لسقي الدواب ، فهدم الاصطبل وحوض السبيل ، وعفّي أثره ، وبني بنقضه ، وصار
طريقا يسلكه من يمر إلى القلعة من خارج السور ، كما كان أول مرة قبل عمارته .
وفي هذه السنة في يوم السبت الثاني عشر من شهر ربيع الآخر الموافق الحادي
عشر من برمهات من شهور القبط - وذلك في أواخر فصل الشتاء - حصل بالقاهرة
ومصر حر شديد ، وزاد في يوم الأحد ، واشتد في يوم الاثنين ، وهبّت في هذه الأيام
ريح شرقية حارة جدا ، وكان أشدها يوم الاثنين ، وحصل من الحر ما لا يحصل في
أيام الصيف أكثر منه ، حتى لبس الناس في هذه الأيام في فصل الشتاء ما يلبسونه في
فصل الصيف من القمصان الرفاع ، وكانت الأيام قبل ذلك شديدة البرد ، واستمر ذلك
كذلك بقية يوم الاثنين ، وهبت ريح غربية قبيل العشاء الآخرة من ليلة الثلاثاء خف
الحر بسببها يسيرا ، ثم سكنت بسرعة ، وعاد الحر في ليلة الثلاثاء ، وتزايد إلى الثلث
الأخير من الليل ، ثم نقص الحر في يوم الثلاثاء ، وحصل غيم مطبق قبيل المغرب من
يوم الثلاثاء ، ورعد وبرق شديد فيما بين المغرب والعشاء من ليلة الأربعاء ، وانهل
مطر يسير لكنه غليظ القطر حار جدا ، كأنه سخن بالنار ، وعاد البرد إلى ما كان عليه
في يوم الأربعاء السادس عشر من شهر ربيع الآخر ، وهو الخامس عشر من برمهات ،
فسبحان من يدبر ملكه كيف شاء لا إله إلا هو الكبير المتعال ، وبسبب هذا الحر
حصل في الزرع نقص ، وهاف بعضه في كثير من البلاد بالديار المصرية .

الصفحة 170