كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 172 """"""
ولما قبض على أصلم أمر السلطان بإعادة الأمير سيف الدين حسين بن جندر
بيك إلى الخدمة الشريفة بالأبواب السلطانية - وقد قدمنا خبر إرساله إلى الشام -
فوصل إلى الأبواب السلطانية في يوم الاثنين تاسع عشر جمادى الأولى ، وشمله
الأنعام بالتشريف الأطلس بالطرزالزركش ، والكلوتة الزركش والحياصة الذهب
المجوهرة ، وأنعم عليه بإقطاع الأمير سيف الدين أصلم وتقدمته .
وفيها في يوم الاثنين خامس جمادى الأولى توجه الأمير حسام الدين حسين بن
خربندا إلى بلاد التتار ، وكان هذا الأمير قد حضر إلى الأبواب السلطانية من مدة
سنين ، وشمله الإنعام السلطاني بأمرة طبلخاناه بالديار المصرية ، فتكرر طلب التتار له
لما وقع الصلح ، وسألوا السلطان إرساله إليهم ، وذكروا أن له إخوة وعيالا يبكون
عليه ، فعرض السلطان عليه العود إلى بلاده فيما تقدم ، فأبى ، فلما كان في هذا
الوقت عاد سيف الدين كرماس أحد مماليك الأمير سيف الدين أيتمش المحمدي من
جهة الأمير جوبان نائب الملك أبي سعيد - وكان قد توجه إليه برسالة - فأكد عليه في
سؤال السلطان في إعادته ، فرسم بعوده إلى بلاده ، وخلع السلطان عليه وزوده ، فتوجه
في هذا التاريخ ، ثم عاد الأمير المذكور في هذه السنة رسولا من جهة الملك أبي
سعيد ، فسمع السلطان رسالته ، وخلع عليه وأعاده .
ذكر اتصال الأمير سيف الدين قوصون
بابنة السلطان الملك الناصر
وفي يوم الاثنين الثالث من جمادى الآخرة من هذه السنة عقد نكاح الأمير
سيف الدين قوصون الناصري على إحدى بنات السلطان الملك الناصر بحضور قضاة
القضاة وأمراء الدولة الشريفة ، وذلك بقلعة الجبل ، وتولى عقد النكاح بالإذن السلطاني
قاضي القضاة شمس الدين محمد بن الحريري الحنفي ، وبنى بها في ليلة الجمعة
الثالث عشر من شهر رجب ، وكان ابتداء الفرح من يوم الاثنين تاسع الشهر .
وهذا الأمير - سيف الدين قوصون المذكور - لم يكن قديم الهجرة في الخدمة
السلطانية ، وإنما ابتاعه السلطان من سنيات من رسل أزبك ، فأحسن إليه ، وأمّره ،
وزاد في الإحسان إليه حتى انتهى إلى هذه الغاية ، ثم قدمه على ألف ، وعظم شأنه ،
وارتفع محله ، وتميز إقطاعه ، وكثرت عصائره ، واتسع ملكه ، وتقدم في الدولة تقدما
عظيما ، ووصل إخوته من بلاد الملك أزبك ، وتزوج السلطان بعد ذلك بأخته ، وكان
من تمكنه وبسطته ما نذكره إن شاء الله تعالى في موضعه .

الصفحة 172