كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)
"""""" صفحة رقم 173 """"""
وفي هذه السنة في العشر الأول من جمادى الأولى وصل إلى الأبواب السلطانية
رسل صاحب إسطنبول ، فلما مثلوا بين يدي السلطان ، وأدوا الرسالة أسلم أحدهم
وهو آقسنقر الرومي ، وتلفظ بالشهادتين المعظمتين ، فسر السلطان بإسلامه ، وأحسن
إليه ، وأنعم عليه ، ثم أمره بعشرة طواشية ، ولبس بالإمرة في يوم السبت رابع عشرين
شوال من السنة وأسلم أيضا أخ لهذا الرسول اسمه بهادر ونزل في جملة المماليك
السلطانية ، والله أعلم .
ذكر استعفاء قاضي القضاة بدر الدين محمد بن جماعة
الشافعي من القضاء بالديار المصرية ، وإجابته إلى ذلك ،
وتفويض القضاء بعده لقاضي القضاة جلال الدين القزويني
وكان سبب ذلك أن قاضي القضاة بدر الدين محمد بن الشيخ برهان الدين
إبراهيم بن جماعة الشافعي ضعف بصره ، ونزل الماء في إحدى عينيه ، وكمل ،
وتحدر إلى العين الثانية ، فقلّ نظره جدا ، وتبين ذلك وظهر في أواخر جمادى الأولى
سنة سبع وعشرين وسبعمائة ، فلما كان في يوم الاثنين ثالث جمادى الآخرة حضر إلى
دار العدل ، وأنهى ذلك إلى السلطان ، وسأله أن يعفيه من الحكم ، وانفصل المجلس
ثم أتته الرسالة السلطانية بالإجابة إلى الإعفاء .
واستدعى السلطان ولده القاضي عز الدين عبد العزيز إلى بين يديه في يوم
الجمعة السابع من الشهر ، وتحدث معه في معني والده ، وسبب ضعف بصره ، وسأله
عن الجهات التي بيده ، ثم حضر قاضي القضاة بدر الدين في يوم الاثنين عاشر الشهر
أو حادي عشره إلى مجلس السلطان بدار العدل الشريف ، وأعاد السؤال في الإعفاء ،
فأجابه السلطان إلى ذلك من غير أن يصرح له بعزله ، ثم سأله السلطان عمن يصلح
للقضاء ، وأن يعين له من يوليه ، فاستعفى من ذلك ، ولم يعين ، ورسم له في ذلك