كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 177 """"""
وسيف الدين أسنبغا ، وشهاب الدين أحمد ، فقبض عليهم وعوقوا بدار الأمير
سيف الدين ألماس الحاجب أياما إلى أن سكنت الفتنة التي وقعت بثغر الإسكندرية ،
ونقل الأمراء منها على ما نذكره إن شاء الله تعالى ، ثم أفرج عنهم ، ورسم لهم
بالدخول إلى الخدمة السلطانية ، فدخلوا ، ووقفوا مع الجند ، فأمر السلطان الحجاب
أن يرفعوا منزلتهم ، وأن يقفوا مع الأمراء ، وأن يلبسوا أقبية فوقانية على عادة الأمراء
في ذلك .
ذكر الفتنة الواقعة بثغر الإسكندرية
وفي يوم الخميس خامس شهر رجب سنة سبع وعشرين وسبعمائة ، وقع بثغر
الإسكندرية المحروس فتنة عظيمة بين أهل الثغر ومتوليه ركن الدين بيبرس الكركي .
وسبب هذه الفتنة أن جماعة من عوام الثغر اجتمعوا في هذا اليوم ليتفرجوا على
عادتهم ، فوقفوا على حلقة قاص ظاهر الثغر بين بابي الأخضر والبحر ، وكان في
الحلقة فرنجي من أتباع رسل صاحب إسطنبول ، فشرع القاص إذا ذكر في قصصه
النبي [ ] رفع المسلمون أصواتهم بالصلاة على عادة المسلمين في ذلك ، فقال
بعضهم : أخرجوا هذا الفرنجي من بيننا ، فإننا نحن نصلي على النبي [ ] وهو لا
يصلي عليه ، فأرادوا إخراجه من الحلقة ، فامتنع من الخروج ، فدفع منها ، فأعانه بعض
رجالة الولاية بالثغر ، وقال : هذا من أتباع الرسل الذين وصلوا إلى السلطان ، فضرب
بعض العوام ذلك الراجل ، فاستنفر بجماعة من رفقته رجالة الولاية ، فكاثرهم العوام
وضربوهم ، وثارت الفتنة ، فركب المتولي ليرد الناس ، فرجمه أهل الثغر ، فغلق أبواب
البلد بين العوام وبين مساكنهم ، وتحصن منهم ، وأحضر إليه ريس الخلافة قاربا فيه
نشاب ، فرمى العوام بالنشاب ، فقتل منهم جماعة .
وحضر القاضي بالثغر عماد الدين الكندي ، وأشار على المتولي بالكف ، فلم
يوافقه ، واستمر هو وأصحابه على رشق العوام بالنشاب ، فقيل : إن القاضي قال

الصفحة 177