كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)
"""""" صفحة رقم 182 """"""
ولما ولي الشيخ مجد الدين الخانقاة الصلاحية تحدث مع السلطان في أمر
الفقراء بالخانقاتين المذكورتين ، فندب السلطان لذلك الأمير سيف الدين قجليس
الناصري أمير سلاح ، وقاضي القضاة جلال الدين القزويني ، فحضرا إلى الخانقاة في
يوم الاثنين حادي عشر ذي القعدة ، وعرض الفقراء بها وبالخانقاة الركنية ، فأخبرني
الأمير سيف الدين قجليس المشار إليه أنه أنهى إلى السلطان أمر العرض ، وأنه رسم
أنه من حضر إلى الخانقاة في وقت الوظيفة وأداها يستمر ولا يقطع ، ومن كانت له
وظيفة تعارضه في الوقت يخير في إحداهما ، ثم حضر الشيخ مجد الدين واجتمع
بالسلطان ، وقرر معه قطع جماعة العدول الجالسين بسوق الوراقين من الخانقاة ،
وأرباب الوظائف ، فقطع من الخانقاة الصلاحية من له عدالة بارزة ، وجلوس بسوق
الوراقين ، وقطع أيضا جماعة من أرباب الوظائف ، فصارت العدالة البارزة وصمة
عليهم ، وسببا لحرمانهم ، وقويت الشناعة في ذلك ، فأعيد بعض من قطع ، وكره
الناس من الشيخ مجد الدين هذه الواقعة ، أشد الكراهة ، وتكلموا عليه وعلى ابن أخيه
أوحد الدين أحمد بهذا السبب ، ثم انفصل الشيخ افتخار الدين من مشيخة الخانقاة
الركنية ، ولم يطل مقامه بها ، ثم سكنت الأحوال في ذلك .
وفيها في ليلة الجمعة ثالث عشر ذي الحجة بنى الأمير شهاب الدين أحمد بن
الأمير سيف الدين بكتمر الساقي الركني الناصري بابنة الأمير سيف الدين تنكز نائب
السلطنة بالشام ، وكان قد تقدم عقد النكاح عليها عند حضور والدها في هذه السنة
إلى الأبواب السلطانية ، ووصلت من دمشق في ليلة الجمعة مستهل ذي القعدة ،
وحصل الاهتمام بأمر الفرح ، ووصل بسببه الملك المؤيد عماد الدين صاحب حماة ،
وقدم التقادم الوافرة ، وكان بسبب هذا المهم من الاحتفال والتقادم وحمل الشموع
شيء كثير .
ذكر وصول رسل الباب فرنسيس إلى الأبواب السلطانية
وفي هذه السنة وصل إلى الأبواب السلطانية رسل الباب ، وهو القائم ببلاد
الفرنج مقام الخليفة ، ورسل الملك فرنسيس ، واسمه ديكردين فلب ، ومثلوا بين يدي
السلطان ، وأحضروا ما معهم من التقادم ، وكان مضمون رسالتهم سؤال السلطان أن
يبرز أمره بالوصاة بالنصارى ، وذكروا أن ببلاد الفرنج جماعة كثيرة من المسلمين ، وأن