كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 19 """"""
ثم وقعت النار في وقت الظهر في يوم الاثنين التاسع من جمادى الآخرة بدار
نائب السلطنة بقلعة الجبل ، فاحترق منها مكان يعرف بالمنظرة الحسامية بأعلى الدار ،
فتبادر الأمراء والمماليك السلطانية وغيرهم من الغلمان والسقايين إلى إطفائها فطفئت ،
وسكن أمر الحريق بعد ذلك .
وفي يوم الأحد مستهل جمادى الآخرة منع المنجمون وأرباب الخلق من
المشعوذين وغيرهم من الانتصاب لذلك ، ورسم بغلق قاعات العلاج وغيرها ، ورسم
أيضا بالقبض على جماعة من الحرافيش ، وأن يعملوا بالجسور السلطانية بالجيزية ،
فقبض على جماعة منهم ، وعملوا في الجسور إلى يوم الثلاثاء العاشر من الشهر ، ثم
أمر السلطان بإطلاقهم ، فأطلقوا .
وفي يوم الاثنين الثاني من جمادى الآخرة سمر اثنان من النصارى ، وطيف بهم
على الجمال ، أما أحدهما : فإنه كان قد أسلم تبعا لأبيه ، واستمر في دين الإسلام مدة
تزيد عن عشر سنين ، ثم ارتد ، فأحضر في هذا الوقت ، وسئل فاعترف أن أباه أسلم
وهو دون البلوغ ، وعرض عليه الآن الإسلام فأباه ، فرسم السلطان بتسميره ، وأما
الآخر : فإنه من النصارى الذين اعترفوا بالحريق وماتا على ذلك .
وفي يوم الاثنين التاسع من جمادى الآخرة ظهر النصارى بعد استتارهم ، وفتحوا
دكاكينهم ، وانتصبوا في معايشهم على عادتهم قبل وقوع هذه الحادثة .
وفيها ، في يوم الخميس السادس والعشرين من جمادى الآخرة أمر السلطان
بالقبض على الأمير صلاح الدين طرخان بن الأمير المرحوم بدر الدين بيسرى الشمسي
الصالحي ، النجمي والده ، ولم يكن لذلك سبب إلا أنه حصل بينه وبين ابن أخيه
علاء الدين علي بن فارس الدين ألكبيه محاكمة شرعية ، فرسم له بإرضائه ، فامتنع أن
يعطيه إلا ما يثبت له شرعا ، فرسم بالقبض عليه . وأودع الزردخاناه ، ثم نقل إلى
البرج ، ثم إلى الإسكندرية ، ورسم ببيع موجوده ، وإعطائه لابن أخيه المذكور ، فأبيع
من موجوده بمبلغ تسعين ألف درهم ، وقبضت لابن أخيه المذكور ، واستمر الأمير
صلاح الدين في الاعتقال أحسن الله تعالى خلاصه بمنه وكرمه .

الصفحة 19