كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)
"""""" صفحة رقم 191 """"""
ذكر وفود الأمير تمرتاش بن الأمير جوبان بن تلك
ابن بداون نائب الملك أبي سعيد بمملكة الروم
إلى الأبواب السلطانية
وسبب وفوده . وما كان من خبره إلى أن قبض عليه وقتل ، ولنبدأ بذكر السبب
الذي أوجب مفارقته المملكة الرومية ، وحضوره إلى الديار المصرية ، وهو ما وصل
إلينا من أخبار والده وإخوته ومقتلهم ، ثم نذكر أخبار تمرتاش فنقول :
كان الأمير جوبان بن تلك بن بداون نائب الملك أبي سعيد بن خربندا صاحب
العراقين وخراسان والروم وأولاده قد استولوا على مملكة التتار ما قرب منها وما بعد ،
وتحكموا فيها تحكم الملوك من غير منازع لهم ولا مناوئ ، وزاد تحكمهم حتى لم
يبق للملك أبي سعيد معهم إلا اسم السلطنة ، وانفرد جوبان بالأمر كله بعد وفاة الوزير
علي شاه ، وقد تقدم من أخبار جوبان وتمكنه وقتله من قتل من أكابر الأمراء وأقارب الملك ما ذكرناه في حوادث سنة تسع عشرة وسبعمائة ما لا يحتاج إلى إعادته ، فلما
كان في سنة سبع وعشرين وسبعمائة توجه الأمير جوبان وولده الأمير حسن إلى بلاد
خراسان ، واستصحب معه معظم الجيوش ، وتوجه لقصد محاربة أولاد الملك كبك
على عادة التتار ، وتأخر بالأردو من أولاد جوبان دمشق خواجا ، فأنهى إلى الملك
أبي سعيد عنه أنه قد عزم على الوثوب عليه وقتله ، حتى صح ذلك عنده ، واتهم أيضا
ببعض نساء الملك خربندا والد أبي سعيد ، فعند ذلك أمر الملك أبو سعيد بقتله ،
واتصل الخبر به فركب في طائفة يسيرة من مماليكه ، وقصد الهرب إلى أبيه فأدرك
لوقته ، وقتل بظاهر مدينة سلطانية ، وترك ملقى بعد قتله ، وذلك في شوال سنة سبع
وعشرين .
ولما اتصل خبر مقتله بوالده الأمير جوبان أظهر الخلاف ، وعزم على حرب
الملك أبي سعيد ، ورجع بالعساكر التي كانت معه من خراسان ، وتوجه الملك أبو
سعيد لقتاله بمن بقي عنده من العساكر ، وتقدم كل منهما بعساكره إلى الآخر ، حتى