كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)
"""""" صفحة رقم 195 """"""
رسم السلطان له أن يرسل في إحضار ولده وأهله وأمواله من بلاد الروم ، وكتب في
ذلك إلى الأمير ابن قرمان صاحب الجبال ورئيس التركمان ، فتوجه رسوله صحبة
رسول السلطان إلى القلعة التي بها ولده ، فلم يوافق على الحضور ، وقال : إن بينه
وبين أبيه أمارة لم تصل إليه ، وظهر للسلطان من تمرتاش خبث طوية ، وسوء نية ،
فأمر عند ذلك بالقبض عليه وعلى الأعيان الذين معه ، فقبض عليه وعلى الأميرين
شاهنشاه ومحمود في يوم الخميس العشرين من شعبان من السنة ، واعتقل تمرتاش
ببرج السباع ، ومحمود وأخوه عثمان وشاهنشاه بالبرج الصغير .
ووصل رسل الملك أبي سعيد إلى الأبواب السلطانية
في يوم الأربعاء حادي عشر شهر رمضان ، وهم ثلاثة نفر ، المشار إليه منهم
أياجي أمير جاندار الملك أبي سعيد ، ومثلوا بين يدي السلطان ، وشملهم الإنعام
بالتشاريف على عادة أمثالهم ، وأرسلهم السلطان إلى تمرتاش في معتقله صحبة الأمير
سيف الدين قجليس أمير سلاح ، فاجتمعوا به ، وتحدثوا معه ، وقيل كان مضمون
رسالتهم طلب تمرتاش من السلطان ، وأنه إذا أسلم إليهم أرسل الملك أبو سعيد إلى
السلطان في مقابل ذلك الأمير شمس الدين قرا سنقر المنصوري ، فمال السلطان إلى
ذلك ، ورسم للأمير سيف الدين أيتمش المحمدي أن يتوجه إلى الملك أبي سعيد
برسالة السلطان لتقرير الحال في ذلك ، وتوجه طلبه في يوم الاثنين سادس عشر شهر
رمضان ، ثم عدل السلطان عن هذا الأمر ، وترجح عنده أنه لا يرسله إلى الملك أبي
سعيد .
فلما كان في ليلة الخميس رابع شوال من هذه السنة أخرج تمرتاش من معتقله
بالبرج ، وفتح باب السر من جهة القرافة ، وأخرج منه وهو مقيد مغلول وقد جمعت
يداه إلى عنقه وطلب رسل الملك أبي سعيد ، وشاهدوه على هذه الحال ، ثم خنق
وشاهدوه بعد موته ، وقطع رأسه وسلخ وصبر وحشي وأرسل السلطان الرأس إلى أبي
سعيد ، ودفن الجسد بمكان قتله ، وحضر الرسل إلى الخدمة السلطانية في يوم
الخميس رابع شوال ، وركبوا في خدمة السلطان في يوم السبت إلى الميدان ، ثم
حضروا إلى الخدمة في يوم الاثنين ثامن شوال ، وشملهم بالخلع والإنعام ، وأعيدوا
إلى مرسلهم في هذا اليوم ، وتوجه أيضا الأمير سيف الدين أيتمش المحمدي برسالة
السلطان إلى الملك أبي سعيد .