كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)
"""""" صفحة رقم 197 """"""
فركب في أثناء مرضه مرارا إلى المدارس لإلقاء الدروس ، وحضر دار العدل الشريف ،
ثم عاوده المرض غير مرة ، وتمادت العلة به حتى مات ، رحمه الله تعالى ودفن في
يوم الأحد بالقرافة الصغرى بتربته التي أنشأها ، ومولده في عاشر صفر سنة ثلاث
وخمسين وستمائة ، وخلّف تركة طائلة ، وكان رحمه الله تعالى قاضيا عالما بمذهبه ،
شديدا في أحكامه ، غير متحاش من أرباب الدولة من الأمراء وغيرهم .
ولما توفي رحمه الله تعالى تحدث مع السلطان في ولاية القضاء ، واعتني عنده
بقوم ، ثم وقع الاختيار على القاضي برهان الدين إبراهيم المذكور بن القاضي
كمال الدين أبي الحسن علي بن القاضي بهاء الدين أحمد بن الشيخ زين الدين علي بن
عبد الحق ، فرسم بطلبه من دمشق ، وكتب لنائب السلطنة بها ، وتوجه البريد بذلك
في يوم الثلاثاء ثالث الشهر ، وكان وصوله إلى القاهرة المحروسة في يوم السبت
السادس والعشرين من جمادى الآخرة ، ومثل بين يدي السلطان ، وفوض إليه القضاء ،
وما كان بيد القاضي شمس الدين الحريري من المدارس والأوقاف ، وخلع عليه وأنعم
عليه ببغلة ، وأنزل إلى المدرسة الصالحية بالقاهرة ، وحكم في بقية يومه ، وجلس بدار
العدل في يوم الاثنين الثامن والعشرين من الشهر ، وأجلس دون قاضي القضاة
تقي الدين بن الأخنائي المالكي على العادة القديمة .
ذكر عود رسل السلطان من جهة الملك أزبك ووصول
رسله ، وعودهم إلى مرسلهم
وفي يوم السبت العاشر من شهر رجب عاد الأمير سيف الدين أطوجي ورفيقه
من جهة الملك أزبك صاحب صراي والبلاد الشمالية ، وصحبته رسل الملك أزبك ،
فمثلوا بين يدي السلطان ، وأحضروا ما معهم من الهدايا والتقادم ، وأدوا الرسالة ،
فشملهم الأنعام والخلع على عادة أمثالهم ، وأنزلوا بالميدان ، وتكرر حضورهم بين
يدي السلطان ، ثم أحضروا في يوم الخميس حادي عشر شوال من السنة إلى مجلس
السلطان ، وعاد وخلع عليهم تشاريف طردوحش مذهّب ، ورسم بعودهم إلى مرسلهم ،
فتوجهوا إلى ثغر الإسكندرية في يوم السبت العشرين من الشهر ، وتوجه من جهة
السلطان الأمير سيف الدين أطارس أنان أحد أمراء العشرات ، وصحبته عمه تيلق ،