كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 215 """"""
الخميس العاشر من رجب ووصل إلى الأبواب السلطانية في يوم الجمعة ثامن عشر
الشهر ، فرسم له بالمباشرة ، وخلع عليهما في اليوم المذكور ، وفوض نظر خزانة
الخاص الذي كان يباشره علم الدين المذكور لأخيه شمس الدين موسى وباشر
الناظران - علم الدين وتقي الدين - مدة والأمير علاء الدين الجمالي الوزير على حالته
في الوزارة ، إلا أنه مشغول بما حصل له من المرض ، يترددان إلى خدمته ،
ويستأذنانه ، فلما كان في يوم الأحد ثاني شوال رسم بتوفير الوزارة ، واستقر الأمير
علاء الدين في الأستاذ دارية خاصة مع ملازمة المرض به ، وهو مع ذلك يتجلد في
بعض أيام المواكب ، ويعبر إلى الخدمة ، ويقف على عادة الأستاذ دارية يسيرا ، ثم
يعود إلى داره بقلعة الجبل ، فلما كان في يوم الأحد خامس عشر ذي القعدة جلس
السلطان في الميدان تحت قلعة الجبل ، وعرض كتاب الأمراء ليستصلح منهم من
يستخدمه ، ثم طلب القاضيين مجد الدين بن لفيتة وشمس الدين بن قروينة الناظرين
المنفصلين ، ومكين الدين بن قروينة مستوفي الصحبة وأمين الدين مستوفي الخزانة
المعروف بقرموط ، وأمر بالترسيم عليهم ، وسلمهم للأمير سيف الدين الدمر أمير
جندار ، ورسم أن يستخرج منهم ستمائة ألف درهم .
وسبب ذلك أنه كان قد رسم بكشف الجيزية ، فكشفت فوجد فيها بواقيا كثيرة ،
فرسم بمصادرة واليها سيف الدين قشتمر ، وهو من ألزام الأمير علاء الدين الجمالي
الوزير - كان - ومستوفيها ابن سقرون ، فحمل من جهة قشتمر مائتي ألف درهم ، ومن
جهة ابن سقرون المستوفي ما يزيد على سبعين ألف درهم ، فاضطر المستوفي المذكور
إلى أن أنهى إلى السلطان ما أخذ من الجيزية ، فرسم عند ذلك بمصادرة من ذكرنا ،
وإفصال المستوفين .
وكان السلطان قبل ذلك قد عرض مشدي الجهات بالقاهرة ومصر ، ورسم بقطع
أخبازهم من الحلقة ، واستبدل بهم ، وانتصب السلطان بنفسه أياما لمصالح دولته ،
وأحضر مشايخ بلاد الجيزية ، وسجلوا بلادها في مجلس السلطان ، وهذا ما لم يسمع
بمثله في دولة من الدول ، وشرع بالاستبدال بالمباشرين ، وصار يستخدم بنفسه ،
ويتحدث مع كل مباشر ، ويسأله عن مباشراته ، وغير ذلك ، ثم أفرج السلطان عن
الناظرين المنفصلين والمستوفين ، بعد أن استخرج منهم - بعدما قرر عليهم - جملة من
المال .

الصفحة 215