كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 217 """"""
من الرسل المتصرفين بباب الحكم العزيز ، وجلس في قاعة تعرف بدرب البلساني
بخط عتبة الكتاب بدمشق ، وسمى نفسه عماد الدين ، وأحضر نصرانيا له مال ، وأوهمه
هو والرسل أنه نائب قاضي القضاة المالكي بدمشق ، وقال للنصراني : قد ثبت عندي
أنك قلت لرجل مسلم أنك أخي وأنا أخوك ولا فرق بيني وبينك ، وبمقتضى هذا
القول تكون مسلما ، وتهدده بالقتل ، وتحدث الرسل مع النصراني ، وأشاروا عليه أن
يعطيه مالا ، فتقررت الحال على ألف درهم ومائتي درهم عجل النصراني منها ستمائة
درهم ، وأحضر شهودا إلى باب الدار ، وكتب عليه حجة بستمائة درهم ، ورفع عنه
الترسيم فلما أطلق النصراني توجه إلى القاضي شمس الدين ناظر النظار ، وأنهى له الصورة ، وأحضر نائب قاضي القضاة المالكي ، فلما رآه النصراني قال : ما هو هذا ،
ثم أحضر عماد الدين نائب قاضي القضاة الحنفي ، فقال كذلك ، فسيّر جماعة إلى
الدار وهجمت فمسك ، وأحضر إليه والدراهم والحجة معه ، فاستنقذ ذلك منه وأطلقه
شمس الدين الناظر ، فلما اتصل الخبر بمتولي دمشق اعتقله ، وطالع نائب السلطنة
بأمره ، فرسم بضربه وضرب الرسل الذين اتفقوا معه على ذلك ، وشقّ مناخيرهم ،
وإشهارهم على الحمر ، ففعل بهم ذلك في يوم الأحد سادس شهر ربيع الأول ،
واعتقلوا .
وفيها في يوم الاثنين ثالث جمادى الأولى أنعم على الأمير علاء الدين ولد
قاضي القضاة نجم الدين أحمد بن صصرى بإمرة عشرة طواشية بدمشق ، ولبس
التشريف في اليوم المذكور .
وفيها في شهر ربيع الأول دخل نائب السلطنة بدمشق الأمير سيف الدين تنكز
إلى المدرسة القليجية ، وهي بجوار داره التي جدد عمارتها المعروفة بدار الفلوس فنظر
إلى بيوت المدرسة ، فرأى على بعضها أقفال حديد مغلقة على الأبواب ، فسأل عن
البيوت وهل هي للفقهاء ؟ فقال قيم المدرسة : هذا البيت لفخر الدين بن شهاب الدين
الحنفي ، وهذه البيوت لجماعة آخرين - سماهم - لهم فيها قماش وغيره ، فطلب
فخر الدين المذكور ، وأنكر عليه كونه ضيّق على الفقهاء في مساكنهم مع استغنائه
عنها ، فقال : ما انفردت بهذا ، وشمس الدين بن حميد - رفيقي في ديوان الإنشاء - له

الصفحة 217