كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 222 """"""
واستقر في جملة الأمراء المائة مقدمي الألوف ، ورسم له بالجلوس في مجلس
السلطان ، فكان يجلس أخيرا ثاني الميسرة ، وقرب من السلطان قربا كثيرا ، وكان
يرجع إليه في أكثر ما يتحدث فيه .
ولما تمكن من السلطان بعد عوده من صفد أنهى له ما قدمنا ذكره من أخباره ،
وأنه كان من مماليك السلطان غياث الدين كيخسرو فأحضر السلطان قضاة القضاة إلى
مخيمه وهو يتصيد بالقرب من طنان وذلك في سنة [ . . . . . ] وسبعمائة ، واستفتاهم
في ذلك فأفتوه أنه بهذا الاعتبار باق على الرق لسلطان غياث الدين وذريته ، فتحيلوا
في ذلك ، وفكروا في طريق يخلصه من الرق ، فأبيع على الغائب ، وأرث السلطان
غياث الدين بإذن قاضي القضاة نور الدين الشافعي بمبلغ خمسة آلاف درهم ، اشتراه
ولدا الأمير حسام الدين طرنطاي ، وهما الأميران : ناصر الدين محمد وعلاء الدين
علي بالثمن المذكور ، وأنعم السلطان بالثمن من ماله ، وأودع للغائب ، وعتقاه ، وجدد
نكاحه وأعتق ثانيا جميع من كان أعتقه أولا .
ولم يزل رحمه الله في الخدمة السلطانية على غاية الإكرام والقرب من السلطان
وملازمته في أسفاره وصيده ، ولو غاب يوما واحدا كان معه إلى أن مات رحمه
الله تعالى ، وأوصى بثلث ماله صدقة ، وثبتت وصيته ونفذت ، وخلف تركة جليلة ،
وأحسن السلطان إلى ورثته بعده ؛ فأنعم على ولده الأمير ناصر الدين محمد بإمرة
عشرة طواشية ، وعمره يوم ذاك نحو ثلاثة عشرة سنة ، وأنعم على ولده الأمير عبد الله
بإقطاع ، وعمره نحو خمس سنين ، وعرض مماليكه ، فنزل جماعة منهم في جملة
المماليك السلطانية ، وفرّق السلطان إقطاعه ، فكمل منه للأمير سيف الدين طرغاي
الجاشنكير على ما بيده ، فأكمل له مائة فارس ، وقدمه على ألف ، وأعطى جوجر
للأمير صلاح الدين يوسف بن الأسعد وجعله شاد الدواوين ، وأعطى الأمير
سيف الدين طوسون منه منية زفتى ، عوضا عما ارتجعه من إقطاعه .
وفيها في سحر يوم الجمعة السابع من جمادى الأولى توفي الشيخ الإمام العالم
العابد الزاهد العلامة برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن الشيخ الإمام العلامة تاج الدين
أبي محمد بن عبد الرحمن بن الشيخ برهان الدين إبراهيم بن سباع بن ضياء الفزاري

الصفحة 222