كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)
"""""" صفحة رقم 223 """"""
البدري الشافعي المعروف والده بالفركاح ، سمي كذلك لعرج كان برجله ، وكانت
وفاته بمنزله بمدرسة البادرائية ، وصلى عليه بجامع دمشق عقيب صلاة الجمعة ،
وكانت جنازته مشهودة ، وصلي عليه ثانيا عند باب جامع جراح ، ومرة ثالثة عند باب
التربة ، ودفن بتربتهم بمقبرة الباب الصغير ، ومولده بدمشق في شهر ربيع الأول سنة
ستين وستمائة ، ومحله من العلوم والزهد والنزاهة المحل الذي لا يجهل ، وامتنع من
قبول قضاء القضاة بدمشق مرارا ، ولم يوافق على قبول الولاية ، وله تصانيف في
العلوم ، وسمع من نحو مائة شيخ ، منهم ابن عبد الدائم ، وابن أبي اليسر ، وحدّث
بصحيح البخاري وغيره .
قال الشيخ علم الدين البرزالي في تاريخه عنه : وله اختصاص بمعرفة الفرائض ،
وله فيها تصنيف ، وله تعليقة كبيرة على كتاب التنبيه في عدة مجلدات ، وله مصنفات
صغار وأشياء مفيدة ، وله مشاركة في معرفة الأصول والنحو ، وله مصنف في المنطق ،
وغير ذلك .
قال : وطلبت من الشيخ كمال الدين بن الزملكاني أن يكتب لي ترجمته فكتب :
هو إمام فاضل ، وفقيه عالم ، كثير الديانة غزير الفضائل ، متقشف متزهد متورع
متواضع حسن الصمت ، لطيف الكلام ، متصد للنفع ، والإفادة وشغل الطلبة وإفتاء
المستفتين ، وإرشاد الطالبين ، تقدم في معرفة مذهب الشافعي ونقله ، وأفتى ودرس في
شبيبته ، وعرضت عليه المناصب فأباها ، وترك الخطابة بجامع دمشق بعد أن وليها
وامتنع منها ، وروجع في ذلك فلم يقبل ، وتصدر ليلا ونهارا للإقراء والإفتاء ، والجمع
والإفادة ، ملازم الخير وحسن الطريقة ، متقللا من الدنيا متحرزا في فتواه ، لا يفتي إلا
فيما تحقق نقله ، وإذا أفتى احترز وقيد ألفاظه ، ولو بالقيود العامة ، لئلا يكون عليه
مطعن أو مأخذ ، وكان بيده تدريس المدرسة البادرائية ، وليها بعد والده ، واستقر بها ،