كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)
"""""" صفحة رقم 238 """"""
وفيها - في يوم الخميس ثامن عشر شعبان - رسم نائب السلطنة بالشام الأمير
سيف الدين تنكز بإخراب الحوانيت والبيوت التي بظاهر دمشق المجاورة لباب النصر
من حد الجسر إلى المسجد الذي في وسط الطريق ، فهدمت ، وأخرجت أخشابها
وصارت الأبنية كوما ، ثم أحضرت الأنفار والجراريف ومهدت أتربتها حتى تساوت
بالأرض ، ومر نائب السلطنة المذكور أيضا في هذا اليوم بالحويرة بالقواسين ، فوصل
رأسه إلى السقف ، فرسم بإخراب السقف ورفعه ، فقيل له : إن الأرض قد علت ،
فرسم أن تحرث الأرض ، وينقل التراب منها ، ففعل ذلك .
وفيها - في يوم السبت رابع شوال - رسم نائب السلطنة بتوسعة الطريق بسوق
الخواصين ، وندب لذلك شاد الدواوين ، ومتولي دمشق ، وناظر الحسبة ، فهدمت
مساطب الحوانيت بالجانبين ، وجعلت كل مسطبة منها قدر ذراع واحد ونصف
بالقاسمي ، فاتسع الطريق لذلك .
ورسم أيضا في يوم السبت سابع عشر شوال بإخراب الجانب القبلي من سويقة
دار بطيح ، لأجل توسعة سوق الخيل ، فأخرب ذلك وهو نحو عشرين حانوتا ، ومهّد
ترابه بالأرض .
وفيها - في يوم الأربعاء تاسع عشرين شوال - حكم قاضي القضاة شرف الدين
المالكي بإراقة دم نصراني كان أسلم ثم ارتد ، فضربت عنقه بسوق الخيل بدمشق ، ثم
حرقه العوام بالنار حتى صار رمادا ، وذري رماده بنهر بردى .
وفي هذه السنة توفي القاضي علاء الدين علي بن القاضي تاج الدين أبي الطاهر
أحمد بن سعيد بن محمد بن الأثير الحلبي - صاحب ديوان الإنشاء السعيد كان -
وكانت وفاته في بكرة نهار الأربعاء خامس عشر المحرم بداره بالقاهرة بجوار الجامع
الأزهر ، ودفن في يوم الخميس سادس عشر الشهر ، وكان قد مرض وحصل له فالج ،
واشتد به الأمر ، وتزايد به المرض إلى أن عجز عن الحركة والنطق وتحريك شيء من
أعضائه ، وعطل عن المباشرة - كما تقدم - فلزم داره في يوم الخميس رابع عشر
المحرم سنة تسع وعشرين ، فكانت مدة انقطاعه سنة كاملة ، وولى صحابة ديوان
الإنشاء في ذي الحجة سنة إحدى عشرة وسبعمائة ، فكانت مدة ولايته ثماني عشرة
سنة وأياما ، رحمه الله تعالى .