كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 24 """"""
وفي هذه السنة - في الثامن من شهر ربيع الأول - توفي القاضي الخطيب
مجد الدين أحمد بن القاضي معين الدين أبي بكر بن ظافر الهمداني المالكي
الخطيب والمدرس بمدينة الفيوم ، وكانت صورته كبيرة عند الأكابر ، وولي قضاء
القضاة بدمشق في سنة عشر وسبعمائة ، وخلع عليه ، ولبس التشريف ، ثم امتنع من
ذلك واستعفى فأعفي ، وكان رحمه الله تعالى رجلا كريما سمحا مشهورا بالمكارم ،
تزيد مكارمه على ريع أملاكه ، وتأبى نفسه الاختصار ، فاحتاج إلى أن استدان الأموال ،
واضطرا إلى وفاء الدين بالدين ، كل ذلك رغبة في المكارم .
وكان رحمه الله تعالى جميل الصورة كامل الخلق ، حسن الزي والملبس
والمركب ، جيد الشعر ، أرسل إليّ مرة يلتمس أن يقف على مقدمة كتابي هذا الذي
ألفته ، فأرسلت إليه المجلدة الأولى ، فوقف عليها وكتب إليّ بيتين من نظمه وهما :
كتاب جل أن نحصيه وصفا
حوى علما وآدابا وظرفا
رأينا منه عنونا بديعا
وعنوان المحاسن ليس يخفى
وتوفي القاضي تاج الدين أبو الهدى أحمد بن محيي الدين أبي الفضل محمد بن
الشيخ كمال الدين علي بن شجاع بن سالم القرشي الهاشمي العباسي ، المعروف بابن
الأعمى ، والأعمى - الذي عرف به - هو جده الشيخ كمال الدين المقرئ وكانت وفاته بداره بمنشأة المهراني ، ودفن بالقرافة ، ومولده في سنة اثنتين وأربعين وستمائة ،
وكان يلي نظر ديوان الملك الأشرف بن السلطان الملك المنصور قبل سلطنته ، ثم
عزل بالصاحب شمس الدين محمد بن السلعوس وعطل مدة ، ثم ولي نظر الكرك ،
وعزل في سنة ثمان وسبعمائة ، وحضر إلى الديار المصرية ، فولي نظر بيت المال مدة
لطيفة ، ثم عطل عن الخدمة ، ورتب له في آخر عمره راتب ، فكان يتناوله إلى أن
مات رحمة الله عليه ، وكانت وفاة جده الشيخ كمال الدين الضرير في سنة إحدى
وستين وستمائة .

الصفحة 24