كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 28 """"""
وجرد من الشام الأمير سيف الدين بهادر والأمير سيف الدين كجكن ، والأمير
شرف الدين حسين بن جندر ، ومضافيهم ، والعسكر الحلبي بكماله ، والأمير
شهاب الدين قرطاي نائب السلطنة بالمملكة الطرابلسية ، وجماعة من العسكر
الطرابلسي ، وخرج المرسوم السلطاني لهم أن يتوجهوا إلى بلاد سيس ، ولا ينتظروا
مرسوما ، ولا يقيموا بمدينة من مدن الشام .
وكان سبب إرسال هذه الجيوش أن السلطان كان قد أرسل الأمير بدر الدين
محمد بن الحاج أبي بكر - أحد الأمراء بطرابلس - رسولا إلى متملك سيس في سنة
إحدى وعشرين وسبعمائة ، فتوجه وأخذ منه القطيعة المقررة على بلاده ، وهي ألف
ألف درهم ومائتا ألف درهم فضة حجر ، والمقرر من الخيل والبغال وتطابيق النعال
والمسامير وغير ذلك ، وجهزها إلى الأبواب السلطانية من غير عهد ولا عقد ، ولا
تقرير هدنة ، فأخبرني الأمير بدر الدين المذكور عند وصوله إلى الأبواب السلطانية أنه
لما توجه إلى سيس اجتمع بمتملك بلاد الأرمن وهو صغير يكون عمره نحو ثمان
سنين جمع متملك بلاد سيس أكابر مملكته وحضر خليفتهم بزعمهم واستشاروه في
إرسال القطيعة قبل تقرير الهدنة واليمين ، فأشار عليهم بدفعها ، وإطفاء الثائرة .
وتعريف السلطان أنهم بأجمعهم دخلوا تحت طاعته وانتسبوا إلى غلمانيته وعبوديته ،
وخلعوا طاعة من سواه من التتار وغيرهم . وسألوا مراحم السلطان ، وبذلوا له
الرغبات ، فكان مما عرضوه على الرسول المذكور أن قالوا له : إن اختار السلطان أن
يقاسمنا على متحصل البلاد ، وأن يقرر علينا الجزية عن كل إنسان دينارين حتى على
رأس الملك فمن دونه فعلنا ذلك ، ويرسل إلينا نوابه يستخرجون ذلك ، وإن أحب أن
يسلم إلى نوابه ما هو قاطع نهرجهان مما يلي المملكة الحلبية من القلاع والبلاد فعلنا
ذلك على أن يضع عنا في مقابلة هذه القلاع والأعمال ثلث المال المقرر ، وهو
أربعمائة ألف درهم فضة .
وأرسل الأرمن امرأة من عند الملك تسأل مراحم السلطان ، فلم تمكن من
الوصول إلى الأبواب السلطانية وأعيدت من حلب .
وجرد السلطان هذه العساكر وأرسل الأمير بدر الدين المذكور على خيل البريد
أمام العسكر المنصور ليطالبهم بتسليم البلاد والقلاع وتقرير الهدنة على ذلك ، فإن
سلموها تسلمها نواب السلطان ، وكف العسكر عنهم ، وإن شغبوا أو توقفوا أدخل
العسكر إلى بلادهم .

الصفحة 28