كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 30 """"""
اللاذقية ويحاصروه لعلهم ينالون منه منالا ، لاشتغال العساكر الإسلامية بثغر آياس ،
فعمر الفرنج نحو تسعين شينيا وشحنوها بالرجال والمقاتلة ، وقصدوا ثغر اللاذقية وبه
يومئذ الأمير شرف الدين عيسى بن البرطاسي فاجتهد في أمر الثغر ، واحترز فأقامت
تلك الشواني أياما في البحر قبالة ثغر اللاذقية ، ثم عادت إلى أماكنها ولم يظفروا
بشيء ، وكفى الله تعالى شرهم وله الحمد والمنة ؛ ولنذكر خلاف ذلك ما اتفق .
ذكر اجتماع المماليك السلطانية وشكواهم
وما حصل بسبب ذلك
وفي يوم الخميس الثامن والعشرين من صفر اجتمع جماعة من المماليك
السلطانية الساكنين بالطباق بباب السلطان ، واستغاثوا وشكوا إلى السلطان أنهم نقصوا
من مرتبهم ، وغيرت عادتهم في طعامهم وتأخرت جامكيتهم عنهم وكساويهم ، وبالغوا
في الشكوى والأساة ، فأرسل السلطان إليهم أن يختاروا من أعيانهم من يعبر إليه ،
ويشكوا ضررهم ، ويشافهوه بحالهم ، فامتنعوا من ذلك ، وكانوا في جمع كثير ، فخرج
السلطان إلى الرحبة ، وسمع شكواهم ، ولطف بهم ، وقابل جهلهم بحلمه وسياسته
ووعدهم إزالة ضررهم ، وأنه يتولى ذلك بنفسه ، وصرفهم إلى أماكنهم فانصرفوا إليها
وكشف عمن حملهم على الجرأة ممن يعلم أحوال المماليك ، فعين جماعة من
المماليك أرباب الإقطاعات ، فرسم بإخراجهم من القلعة وإسكانهم المدينة ، فخرجوا
في يوم السبت سلخ صفر ، وأخرج أيضا جماعة من الخدام المقدمين والسواقين ،
ورسم بالنفقة في أرباب الجامكيات ، وزيادة مرتبهم ، وإصلاح أطعمتهم ، ففعل ذلك ،
وسكنت أمورهم .
ذكر وصول الأمير " علاء الدين الطنبغا " نائب السلطنة
بالمملكة الحلبية إلى الأبواب السلطانية وعوده
وفي يوم السبت سلخ صفر وصل الأمير علاء الدين الطنبغا نائب السلطنة
بالمملكة الحلبية إلى الأبواب السلطانية ، وكان قد رسم بحضوره ، فأرجف الناس به ،
وظن كثير منهم أنه لا يحضر ، وأنه إذا حضر اعتقل ، فلما وصله شمله الإنعام

الصفحة 30