كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 33 """"""
فلما كان في يوم الأربعاء السابع عشر من ربيع الأول سنة أربع وعشرين
وسبعمائة رسم السلطان بتجديد الحوطة عليه ، وعلى أسبابه ، وتوجه لإحضاره من
القدس الأمير سيف الدين قطلوبغا المغربي الناصري ، وكان وصوله إلى قلعة الجبل
هو وولده عشية نهار الخميس الخامس والعشرين من الشهر ، ولما وصل سلم للأمير
سيف الدين قجليس أمير سلاح ، فأنزله بداره ، وسلم ولده عبد الله ومملوكه طوطاج
إلى الأمير علاء الدين مغلطاي الجمالي استادار ، وطولب بحمل المال ، فاعتذر بأنه لم
يبق له ما يحمله إلا ثمن الأملاك التي كان السلطان قد أفرج له عنها ، فأمر ببيعها ،
فبيعت بمبلغ أربعمائة ألف درهم ، وحمل عنها ، واستمر على ذلك إلى يوم الجمعة
الحادي عشر من شهر ربيع الآخر ، فرسم باعتقاله ، فاعتقل في برج الأتابكي بقلعة
الجبل بمفرده بغير غلام يخدمه ، وسددت المرامي والمناور ، ورتب له في كل يوم
ثمانية أرطال لحم وكماجه ، واستمر بالبرج إلى يوم الجمعة الثامن عشر من الشهر ،
فأخرج من البرج وسفر إلى الصعيد الأعلى ، ورسم باستقراره بثغر أسوان ، وكان قد
سفر ولده عبد الله قبله ، وقطع السلطان أخباز مملوكيه طرنطاي ، وطوطاج من الحلقة .
فلما كان في ليلة يسفر صباحها عن يوم الاثنين حادي عشريه حضر إلى
الصاحب أمين الدين من ذكر أن لكريم الدين وديعة عند رجل موان نصراني ، فطلب ،
وطولب بالوديعة ، فأحضر صندوقا ضمنه من المصوغ والجوهر ما قيمته - فيما بلغني -
نحو عشرين ألف دينار .
ولما استقر كريم الدين بثغر أسوان أمر السلطان أن يرتب له ولولده في كل شهر
ستمائة درهم وستة أرادب لنفسه ، ولولده عبد الله مائة درهم وإردبان ، واستمرت إقامته
بثغر أسوان إلى أن مات به ، وكانت وفاته في ليلة الخميس العشرين من شوال سنة
أربع وعشرين وسبعمائة ، ووصل الخبر إلى الأبواب السلطانية في يوم الاثنين مستهل
ذي القعدة ، وأنه شنق نفسه ، ووجد في بكرة النهار وهو معلق بسلبة في الدار التي
كان قد نزل بها ، وتعرف بدار " ابن يحيى " هذا هو الذي ظهر من أمر وفاته .
وأخبرني متولي ثغر أسوان - وهو أحد من تولى قتله - أنه وصل إلى الثغر في
ليلة الأربعاء ركن الدين بن موسك ، نائب متولي الأعمال القوصية ، وصحبته بعض
مماليك متولي الأعمال ، فأقام بالثغر يوم الأربعاء ، وأظهر أنه إنما حضر لتحرير ما
سقط من النخل في شهر رمضان بسبب هواء كان قد هب فسقط لهبوبه نخل كثير ،
وطلب أرباب السواقي في ذلك اليوم ، وشاع أنه إنما وصل إلى الثغر بسبب ذلك .

الصفحة 33