كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 35 """"""
علم الدين سنجر الجاولي - صندوقا كبيرا ضمنه من الجواهر والحوايص المجوهرة
والفصوص وغير ذلك ما قيمته - فيما قيل - مائة ألف دينار ، وقيل أكثر من ذلك .
ولما حضر ولده علم الدين طولب بالمال ، وسعط بالخل والجير ، فاعترف أن
له وديعة عند صارم الدين أستاذ دار والده ، فطلب فأحضر نحو عشرة آلاف دينار ،
وأنكر عليه كونه أخر إحضار هذا المال ، فقال : هذا كان وديعة عندي لهذا ، وقد
أحضرته الآن ، فلم يؤاخذ بذلك . ثم أفرج عن ولده علم الدين عبد الله بعد ذلك ،
واستقر بحارة الديلم بدار أبيه الصغرى .
هذا ما كان من خبر القبض على كريم الدين ووفاته . فلنذكر خلاف ذلك من
أخباره .
ذكر شيء من أخبار كريم الدين المذكور وابتداء أمره
" وتنقلاته وما كان قد انتهى إليه من القرب من السلطان
والتمكن من دولته "
كان كريم الدين المذكور في ابتداء أمره في حالة شبيبته في خدمة خاله تاج
الرياسة بن سعيد الدولة ، وكان معه بمدينة قوص لما كان كاتبا للأمير بهاء الدين
قراقوش الظاهري البريدي متولي الأعمال القوصية - كان - في الدولة المنصورية
السيفية ، وكان هو وخاله إذ ذاك - وبعده بسنين كثيرة - على دين النصرانية ، وتوجه
معه إلى الأعمال القوصية ، ورتب كريم الدين في كتابة المسطبة بقوص ، وهي كتابة
نائب الولاية ، ثم خدم بعد ذلك الأمراء ، فكان ممن خدمه منهم : الأمير سيف الدين
جاورشي الحسامي ، والأمير سيف الدين قجقرا وغيرهما ، وباشر بعد ذلك وظيفة كتابة
في البيوت السلطانية ، ثم أسلم في الدولة الناصرية ، وباشر نظر ديوان الأمير ركن الدين
بيبرس أستاذ دار العالية ؛ إذ تمكن منه ، وظهر اسمه ، وشاع ذكره ونوه الناس به ،
وأظهر المكارم ، وبذل ماله ، فمدحه الشعراء ، ورغب الناس في صحبته والاجتماع به ،
ولم يزل على ذلك وحاله تتزايد إلى أن استقر بيبرس الجاشنكير في السلطنة كما
تقدم ، فعظم عند ذلك شأنه ، وارتفع مكانه ، وعلت رتبته ، وسمت همته ، وهو مع

الصفحة 35