كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 41 """"""
وعمل نوابه مع بعض من اعتنوا به من التجار عكس هذا ، فكان بعض التجار
يبيع السلعة الكاسدة على بعض المضرورين من التجار وغيرهم إلى الأجل الطويل ،
فيرغبون في ابتياعها لطول المدة ، ويرجون بذلك أن يتسببوا فيها لصلاح أحوالهم ،
ويشترونها بمثلى القيمة ، فإذا استقر البيع ، وتسلم المشتري السلعة ، وأشهد على نفسه
بالثمن أحال التاجر البائع إلى ديوان كريم الدين بالثمن ، فيطلب المشتري ، ويرسم
عليه ، ويستخرج الثمن بالضرب والاعتقال ، ولا يحملون فيه على حكم الشرع ، ولا
يستنكف نوابه من ذلك ولا يتحاشون ، فتضرر الناس من هذا الوجه أيضا ، حتى كان
منهم من يبيع السلعة بعينها بنصف ما ابتاعها به من الثمن ، ويعطيه ، ويكلف ما بقي ،
فيستدينه ويعطيه .
وأما غير ذلك من حال كريم الدين فإنه كان قد تعاظم في نفسه ، فيخلع الخلع
السنية أشرف من خلع السلطان ، فكان السلطان إذا خلع على أحد ملونا خلع
كريم الدين مصمتا ، وإن خلع مصمتا خلع هو طردوحش ، وإن خلع طردوحش
خلع طردوحش مقصبا ، وإن خلع السلطان مقصبا خلع الأطلس المعدني بالطرز
الزركشي ، وأنعم بالحوايص الذهب والكلوتات الزركشي وغير ذلك ، وإذا خلع على
من يخلع السلطان عليه الأطلس بطرز الزركش خلع عليه المزركش المكلل باللؤلؤ
والمرصع بالجوهر ، وأنعم عليه بالخيول المسومة ، وبغالي الأقمشة وغير ذلك ، وإذا
أنعم السلطان بمال أنعم بأضعافه ، فكان ذلك مما حقده السلطان عليه ، وذكره من
عيوبه ، وتعاطيه ما لا يصلح .
وكان مما فعله أنه جعل لنفسه بيوتات نحو بيوت السلطان من شرابخاناه ،
وطست خاناه ، وفراش خاناه وغير ذلك ، وفي كل بيت منها من الآلات المناسبة

الصفحة 41