كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 43 """"""
ودواليب بالوجه القبلي والبحري ، بحيث أنه لا يخلو إقليم من أقاليم الديار المصرية ،
ولا بلد كبير إلا وله فيه تعلق من دواليب أقصاب وبساتين ، أو زراعة أو متجر أو
مسلف أو معاملة أو مخرج على صنف من الأصناف التي تكون بذلك البلد .
ولما عزله السلطان أمر بإبطال هذه المتاجر ، ومكن الناس من ابتياع الأصناف
وبيعها ، ورفع عنهم الحجر في ذلك ، فاستبشر الناس بذلك ، وانبسطت آمالهم ،
وطابت نفوسهم ، وتحققوا عدل السلطان ، وانحلت أسعار الأصناف التي كان
يحتكرها ، فتضاعفت الأدعية بدوام دولة السلطان ، وعلموا أن تلك الأفعال الشنيعة لم
تكن عن أمر السلطان ، ولا برضاه ، وقد كان يوهم الناس ويصرح لبعضهم أنه لولا ما
يفعله من إرضاء السلطان بما يحصل له من فائدة المتاجر والدواليب ، وسد ما يحتاج
إليه السلطان بتدبيره كان السلطان قد استصفى ما في أيدي الناس من الأموال ، فعلم
الناس الآن أن الأمر ليس كذلك ، فرجوا من الله تعالى دوام الخير ، وزيادة العدل
والإنصاف .
ولما عزله السلطان فوض ما كان بيده لمن نذكر : فوض نظر خواصه ووكالته
للقاضي تاج الدين أبي إسحاق إبراهيم وكان قبل ذلك يلي نظر الدواوين بالديار
المصرية ، وفوض النظر على البيمارستان المنصوري والقبة والمدرسة ومكتب السبيل
وأوقاف ذلك للأمير جمال الدين آقش الأشرفي ، وهو رأس الميمنة ، وفوض نظر
الجامع الطولوني وأوقافه للأمير سيف الدين قجليس أمير سلاح .
ذكر تفويض الوزارة للصاحب الوزير أمين الدين عبد الله
" وهي الوزارة الثانية له "
قد ذكرنا فيما تقدم من كتابنا هذا أن الصاحب الوزير أمين الدين عبد الله بعد
عزله من الوزارة في سنة ثلاث عشرة وسبعمائة فوض إليه نظر النظار والصحبة ، ثم
عزل عن ذلك ، ولزم داره ، ثم رسم له بنظر المملكة الطرابلسية ، ورتب له على هذه
الوظيفة نظير معلومه الذي كان له على وظيفة نظر النظار بالديار المصرية ، فتوجه إليها
كارها في سادس عشر صفر سنة ثماني عشرة وسبعمائة ، وأقام بها إلى أن سأل أن
يفسح له في التوجه إلى الحجاز الشريف ، فأذن له في ذلك ، فحج ولم يعد إليها ،

الصفحة 43