كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 46 """"""
الوزارة ، فمنع من ذلك ، واستمر في صحابة ديوان الجيوش ، والناس في أشد ألم
بسبب سلامته .
فلما كان في يوم السبت سلخ ربيع الآخر أمر السلطان بالقبض عليه ، فقبض
عليه هو وولده سيف الدين ، وألزم بالحمل ، واعتقل بالبرج بباب القرافة ، ولو تمكن
الناس منه أو ظهر لهم قتلوه ، وكان ولده سيف الدين يخرج في الترسيم ويركب
حمارا ، ويبيع قماش أبيه ، ويحمل الثمن عنه ، وأبيعت أملاكه ، ثم سأل أن يحمل
أربعمائة ألف درهم ، ويتصدق السلطان عليه بالإفراج عنه ، فأجيب إلى ذلك ، ثم نقل
من البرج إلى القرافة ، فأقام هناك بتربة الأمير سيف الدين طقتمر الدمشقي ، بجوار
تربة كريم الدين الوكيل ، واستمر على ذلك إلى أن رسم بتوجهه إلى مباشرة نظر
المملكة الصفدية ، فتوجه إلى ذلك في يوم السبت الثاني عشر من جمادى الآخرة من
السنة ، وخرج من القرافة ليلا خوفا على نفسه أن يقتل ، وضمن على ولده " سعد الدين
فرج الله " أن يبيع بقية أملاك والده ، ويحمل عنها ليكمل ما قرر على أبيه ، ولم يكن
طلبه شديدا على العادة في مثل ذلك إذا طولب أمثاله بحمل الأموال .
واستمر بصفد إلى أن رسم بإحضاره منها عندما أحضر كريم الدين الوكيل من
القدس ، فعزل منها في شهر ربيع الأول سنة أربع وعشرين ، وكان وصوله إلى قلعة
الجبل في يوم الخميس العاشر من شهر ربيع الآخر منها ، وعند وصوله اعتقل بالبرج
بباب القرافة بقلعة الجبل ، وطولب بحمل المال ، فحمل من جهته مائة ألف درهم ،
وأفرج عنه في يوم السبت السادس والعشرين من شهر ربيع الآخر من السنة ، وكان من
أمره بعد ذلك ما نذكره إن شاء الله تعالى .
ذكر وصول رسل متملك الأرمن إلى الأبواب السلطانية
وفي سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة في العشر الأخر من جمادى الأولى وصل
رسل متملك الأرمن إلى الأبواب السلطانية ، وفيهم الخليفة عليهم بزعمهم ، وأم
الملك ، وجماعة من أكابرهم يسألون مراحم السلطان في الكف عنهم ، وأن يحملوا
إلى الخزانة السلطانية قطيعة في كل سنة ألف ألف درهم ومائتي ألف درهم ، وما
جرت به العادة من البغال المساقة إلى الإسطبلات ، والنعال الحديد ، وغير ذلك من
التقادم ، وسألوا أن يأذن لهم في عمارة ثغر آياس ، وأن يكون ما يتحصل منه مناصفة

الصفحة 46