كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 47 """"""
بين السلطان وبينهم ، فامتنع السلطان من إجابتهم إلى المناصفة إلا أن يبذلوا عن الثغر
في كل سنة ثمانمائة ألف درهم لتكملة ألفي ألف درهم .
ثم وصلت رسل الملك أبي سعيد ملك التتار ، وكان في جملة رسالتهم سؤال
السلطان في أمرهم ، والشفاعة فيهم ، فاستقر حالهم على حمل القطيعة المذكورة ، ولم
تحصل الموافقة على عمارة ثغر آياس ، وأعيدوا إلى بلادهم .
ذكر وصول رسل الملك أبي سعيد
وفي هذه السنة وصل إلى الأبواب السلطانية رسل الملك أبي سعيد بن خربندا
ملك العراقين وخراسان وغير ذلك ، وكان وصولهم إلى قلعة الجبل في يوم الاثنين
الرابع عشر من جمادى الآخرة ، ومثلوا بين يدي المقام الشريف في هذا اليوم ، وكانوا
ثلاثة ، المشار إليه منهم من مقدمي التوامين .
ولما وصل هذا الرسول إلى حلب ، أظهر كبرا عظيما ، وحمقا زائدا ، فتلطف
الأمير علاء الدين الطنبغا نائب السلطنة بحلب به ، وأكرمه وعامله بنهاية الإكرام
والاحترام والأدب ، فتمادى على حمقه ، ولما وصل إلى حمص تلقاه نائبها ، فمد يده
إلى النائب ليقبلها ، واتصلت هذه الأخبار بالأمير سيف الدين تنكز نائب السلطنة بالشام
المحروس ، فأرسل للقائه الأمير سيف الدين جوبان أحد الأمراء المقدمين ، فلما قدم
على الرسول لم يكرمه ، ولم يقم له ، بل مد إليه يده ليقبلها ، فصرف الأمير جوبان
يده ، وولى ولم يسلم عليه .
ولما قرب الرسول من دمشق المحروسة أمر نائب السلطنة بها العسكر الشامي
بالركوب في أتم زينة ، فركبوا بالكلاوت الزركش والطرز الزركش والخيل المسومة ،
والعدد المذهبة والمزركشة ، والكنابيش الحرير المذهبة ، وخرجوا في أحسن زي
وأجمله ، وأمرهم أن يقفوا سماطين من القابون إلى باب دار السعادة ، وهي سكن
نائب السلطنة ، ففعلوا ذلك وما ركب نائب السلطنة الأمير سيف الدين تنكز للقائه ،
ولا خرج من دار السعادة ، ولما حضر الرسول قدم بين يدي نائب السلطنة ، وقد
حفت به الحجاب ، فلم يتحرك له ولا نظر إليه كل النظر ، وأوقف بين يديه ، فسأله
عن جوبان نائب الملك أبي سعيد ، وعن الأمراء ، فأجابه الرسول أنهم في عافية ، ثم

الصفحة 47